غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَٰبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتِيَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ وَأَنِّي فَضَّلۡتُكُمۡ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (47)

47

التفسير : إنما أعاد سبحانه هذا الكلام مرة أخرى توكيداً للحجة وتحذيراً من ترك اتباع صلى الله عليه وسلم ، كأنه قال : إن لم تطيعوني لأجل سوالف نعمتي عليكم فأطيعوني للخوف من عقابي في المستقبل . والمراد بالعالمين ههنا الجم الغفير من الناس كقوله { باركنا فيها للعالمين } [ الأنبياء : 71 ] . ويقال : رأيت عالماً من الناس . يراد الكثرة بقرينة العلم بأنه لم ير كل الناس ، ويمكن أن يكون المراد فضلتكم على عالمي زمانكم ، لأن الشخص الذي سيوجد بعد ذلك لا يكون من جملة العالمين . ويحتمل أن يكون لفظ { العالمين } عاماً للموجودين ولمن سيوجد لكنه مطلق في الفضل ، والمطلق يكفي في صدقه صورة واحدة . فالآية تدل على أنهم فضلوا على كل العالمين في أمر ما ، وهذا لا يقتضي أن يكونوا أفضل من كل العالمين في كل الأمور ، فلعل غيرهم يكون أفضل منهم في أكثرها . وقيل : الخطاب لمؤمني بني إسرائيل لأن عصاتهم مسخوا قردة وخنازير ، وفي جميع ما يخاطب الله تعالى بني إسرائيل تنبيه للعرب لأن الفضيلة بالنبي قد لحقتهم . وجميع أقاصيص الأنبياء تنبيه وإرشاد { لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب } [ يوسف : 111 ] . روي عن قتادة قال : ذكر لنا أن عمر بن الخطاب كان يقول : قد مضى والله بنو إسرائيل وما يعني بما تسمعون غيركم .