جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{۞وَعِندَهُۥ مَفَاتِحُ ٱلۡغَيۡبِ لَا يَعۡلَمُهَآ إِلَّا هُوَۚ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۚ وَمَا تَسۡقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعۡلَمُهَا وَلَا حَبَّةٖ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡأَرۡضِ وَلَا رَطۡبٖ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٖ} (59)

{ وعنده{[1425]} مفاتح الغيب{[1426]} } : خزائنه جمع مفتح بالميم وهو المخزن أو جمع مفتاح بكسر الميم وهو المفتاح{[1427]} ، وقد صح أن مفاتيح الغيب خمس ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ) ( لقمان : 34 ) ، { لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر } أي : يحيط علمه بالمغيبات والمشاهدات ، { وما تسقط من ورقة إلا يعلمها } ، لأنه لا تسقط إلا بعد تعلق إرادته به ، { ولا حبة في ظلمات الأرض } : فوق الأرض أو تحته عطف على ورقة{[1428]} ، { ولا رطب ولا يابس } المراد منه كل شيء ، { إلا في كتاب مبين } : في اللوح المحفوظ ، وهو صفة للمذكورات كما أن ( لا يعلمها ) صفة لورقة .


[1425]:ولما قال الله أعلم بهم انتقل من خاص إلى عام، فقال: (وعنده مفاتح الغيب) الآية /12 وجيز.
[1426]:وفي هذه الآية الشريفة ما يدفع أباطيل الكهان والمنجمين والرمليين وغيرهم من مدعي علم الغيب ما ليس شأنهم، ولا يدخل تحت قدرتهم، ولا يحيط به علمهم، ولقد ابتلي الإسلام وأهله بقوم سوء من هذه الأجناس الضالة، والأنواع المخذلة ولم يربحوا من أكاذيبهم وأباطيلهم بغير خطة السوء المذكورة في قول الصادق المصدوق –صلى الله عليه وسلم- : (من أتى كاهنا أو منجما فقد كفر بما أنزل على محمد)/12 فتح.
[1427]:كأن الغيب في بيته مقفل مفاتحه لا توجد عنده، ولا يعلم الغيب إلا الله/12 وجيز.
[1428]:والمراد من السقوط الوقوع على مكان لا الوقوع من علو وإلا فلا وجه لعطف الحبة والرطب واليابس على ورقة هي فاعل تسقط، أو من باب صفته [كذا في الأصل والأظهر: علفته] تبنا وماء وقلدته سيفا ورمحا، وفي هذه الآية مثل قوله (لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض) دلالة صريحة على علمه بجميع الجزئيات إحاطة تامة شاملة عامة كاملة، ولما كان من مفاتيح الغيب الموت والبعث ومن عظيم أدلة البعث النوم، والإيقاظ، وفيه مع ذلك تقرير لكمال القدرة أتبعه بما يجيء فقال: (وهو الذي يتوفاكم بالليل) الآية /12 وجيز.