بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞وَعِندَهُۥ مَفَاتِحُ ٱلۡغَيۡبِ لَا يَعۡلَمُهَآ إِلَّا هُوَۚ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۚ وَمَا تَسۡقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعۡلَمُهَا وَلَا حَبَّةٖ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡأَرۡضِ وَلَا رَطۡبٖ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٖ} (59)

قوله تعالى :

{ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب } يعني : يعلم ما يهلك في البر والبحر . ويقال : يعلم ما في البر من النبات والحب والنوى وما في البحر من الدواب وقوت ما فيها { وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ } من الشجر { إِلاَّ يَعْلَمُهَا } يعلم من وقت سقوطه ، وموضع مسقطه . وروى مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه قال : ليس أحد من خلق الله تعالى أكثر من الملائكة ، وليس من شجرة تخرج إلا وملك موكل بها . ويقال : إن الإنسان كالشجرة ، وأعضاءه كالأغصان ، والحركات منه كالأوراق ، فهو يعلم حركة بني آدم .

ثم قال تعالى : { وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظلمات الأرض } يعني : تحت الصخرة التي هي أسفل الأرضين السابعة . ويقال : الحبة التي تحت الأرض التي يخرج منها النبات .

ثم قال : { وَلاَ رَطْبٍ } يعني : الماء { وَلاَ يَابِسٍ } يعني : الحجر ويقال : { ولا رطب } : يعني العمران والأمصار والقرى { وَلاَ يَابِسٍ } يعني : الخراب والبادية { إِلاَّ فِي كتاب مُّبِينٍ } يعني في اللوح المحفوظ . ويقال : { وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ } يعني : لا قليل ولا كثير { إِلاَّ فِي كتاب مُّبِينٍ } يعني : في اللوح المحفوظ . ويقال : القرآن قد بيّن فيه كل شيء ، بعضه مفسر ، وبعضه يعرف بالاستدلال والاستنباط . وقرأ بعضهم : { وَلاَ حَبَّةٍ } { وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ } كل ذلك بالضم على معنى الابتداء . وهي قراءة شاذة والقراءة المعروفة بالكسر لأجل : { مِنْ } .