معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ أَنجَىٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَسُومُونَكُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبۡنَآءَكُمۡ وَيَسۡتَحۡيُونَ نِسَآءَكُمۡۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَآءٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِيمٞ} (6)

وقوله ها هنا : { وَيُذَبِّحُونَ 6 }

وفي موضع آخر { يُذَبِّحُونَ } بغير واو وفي موضع آخر { يُقَتِّلُونَ } بغير واو . فمعنى الواو أنهم يمسُّهم العذابُ غير التذبيح كأنه قال : يعذبونكم بغير الذبح وبالذبح . ومعنى طرح الواو كأنه تفسير لصفات العذاب . وإذا كان الخَبَر من العذاب أو الثواب مجمَلاً في كلمة ثم فسرته فاجعله بغير الواو . وإذا كان أوّله غير آخره فبالواو . فمن المجمل قول الله عز وجل { وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاما } فالأثام فيه نيَّة العذاب قليلهِ وكثيره . ثم فسَّره بغير الواو فقال { يُضاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ } ولو كان غير مجمل لم يكن ما ليس به تفسيراً له ، أَلا ترى أَنك تقول عندي دابَّتان بغل وبِرْذَوْن ولا يجوز عندي دابَّتان وبغل وبِرذَوْنٌ وأنت تريد تفسير الدَّابتين بالبغل والبِرذون ، ففي هذا كفاية عَما نترك من ذلك فقس عَليه .

وقوله { وَفِي ذلكمْ بَلاء مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ } يقول : فيما كان يَصنع بكم فرعونُ من أصناف العذاب بلاء عظيم من البلِيَّة . ويقال : في ذلكم نِعَم من ربّكم عظيمة إذ أنجاكم منها . والبَلاء قد يكون نعما ، وعذاباً . ألا ترى أنك تقول : إن فلانا لحسن البلاء عندك تريد الإنعام عليك .