فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ أَنجَىٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَسُومُونَكُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبۡنَآءَكُمۡ وَيَسۡتَحۡيُونَ نِسَآءَكُمۡۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَآءٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِيمٞ} (6)

{ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ ءالِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ ( 6 ) } .

{ وَإِذْ قَالَ مُوسَى } أي اذكر وقت قول موسى { لِقَوْمِهِ } والمعنى اذكر يا محمد لقومك ما ذكر لعلهم يعتبرون { اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ } أي إنعامه { عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم } أي وقت إنجائه لكم { مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ } أي يبغونكم ، يقال سامه ظلما أي أولاه ظلما ، وأصل السوم الذهاب في طلب الشيء .

{ سُوءَ الْعَذَابِ } مصدر ساء يسوء والمراد جنس العذاب السيئ وهو استعبادهم واستعمالهم في الأعمال الشاقة .

{ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ } المولودين لقول بعض الكهنة أن مولودا يولد في بني إسرائيل يكون سبب ذهاب ملك فرعون ، وعطف { يذبحون } على { يسومونكم سوء العذاب } وإن كان التذبيح من جنس سوء العذاب إخراجا له عن مرتبة العذاب المعتاد كأنه جنس آخر لما فيه من الشدة ومع طرح الواو كما في الآية الأخرى يكون التذبيح تفسيرا لسوء العذاب .

{ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ } أي يتركونهن في الحياة لإهانتهن وإذلالهن ، ولذلك عد من جملة البلاء ، وزاد الكرخي كانوا يستخدمونهن بالاستعباد ويفردونهن عن الأزواج وذلك من أعظم المضار .

{ وَفِي ذَلِكُم } أي في إنجائكم أو في أفعالهم المذكورة { بَلاء } أي ابتلاء لكم بالتنعم أو بالعذاب ، فالله تعالى يختبر عباده تارة بالنعم وتارة بالشدائد ، كما قال : { وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون } { مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } وقد تقدم تفسير هذه الآيات في البقرة مستوفى .