فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ أَنجَىٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَسُومُونَكُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبۡنَآءَكُمۡ وَيَسۡتَحۡيُونَ نِسَآءَكُمۡۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَآءٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِيمٞ} (6)

قوله : { وَإِذْ قَالَ موسى } الظرف متعلق بمحذوف هو اذكر ، أي : اذكر وقت قول موسى ، و{ إِذْ أَنجَاكُمْ } متعلق ب{ اذكروا } أي : اذكروا إنعامه عليكم وقت إنجائه لكم من آل فرعون ، أو بالنعمة ، أو بمتعلق عليكم ، أي : مستقرة عليكم وقت إنجائه ، وهو بدل اشتمال من النعمة مراداً بها الإنعام أو العطية { يَسُومُونَكُمْ سُوء العذاب } أي : يبغونكم ، يقال سامه ظلماً أي : أولاه ظلماً ، وأصل السوم الذهاب في طلب الشيء ، وسوء العذاب : مصدر ساء يسوء ، والمراد [ حبس ] العذاب السيئ . وهو استعبادهم واستعمالهم في الأعمال الشاقة ، وعطف { يذبحُونَ أَبْنَاءكُمْ } على { يَسُومُونَكُمْ سُوء العذاب } وإن كان التذبيح من جنس سوء العذاب ؛ إخراجاً له عن مرتبة العذاب المعتاد حتى كأنه جنس آخر لما فيه من الشدّة ، ومع طرح الواو كما في الآية الأخرى يكون التذبيح تفسيراً لسوء العذاب { وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ } أي : يتركونهنّ في الحياة لإهانتهنّ وإذلالهنّ { وَفِى ذلكم } المذكور من أفعالهم { بَلاء مِّن رَّبّكُمْ عَظِيمٌ } أي : ابتلاء لكم ، وقد تقدّم تفسير هذه الآية في سورة البقرة مستوفى .

/خ12