ولما أمر موسى عليه الصلاة والسلام أن يذكرهم بأيَّام الله ، وحكى عن موسى -عليه الصلاة والسلام- ، أنَّه ذكَّرهم فقال تعالى : { وَإِذْ قَالَ موسى لِقَوْمِهِ اذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ } .
فقوله : { أَنجَاكُمْ } ظرف للنعمة ، بمعنى الإنعام ، أي : اذكروا نعمة الله عليكم في ذلك الوقت .
قوله : { إِذْ أَنجَاكُمْ } يجوز في ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون منصوباً ب " نِعْمَةَ " .
الثاني : أن يكون منصوباً ب " عَليكُمْ " ، ويوضح ذلك ما ذكره الزمخشري رحمه فإنه قال{[19137]} : " إذْ أنْجَاكُمْ " ظرف للنعمة بمعنى الإنعام ، أي : إنعامه عليكم ذلك الوقت .
فإن قلت : هل يجوز أن ينتصب ب " عَليْكُمْ " .
قلت : " لا يخلُو إما أن يكون [ إنعامه ]{[19138]} صلة للنعمة بمعنى الإنعام [ أو غير ]{[19139]} صلة ، إذا أردت بالنعمة العطية ، فإذا كان صلة لم يعمل فيه ، وإذا كان غير صلة بمعنى اذكروا نعمة الله مستقرة عليكم عمل فيه ، ويتبين الفرق بين الوجهين ، أنَّك إذا قلت : نعمة الله عليكم ، فإن جعلته صلة لم يكن كلاماً حتى تقول فائضة أو نحوها وإلا كان كلاماً " .
الثالث : أنه بدل من نعمة أي : اذكروا وقت إنجازكم ، وهو بدل اشتمال ، وتقدم الكلام في " يسومونكم " .
قوله : " ويذبحون " حال أخرى من آل فرعون ، وفي البقرة دون " واو " لأن قصد التفسير لسؤال العذاب ، وفي التفسير لا يحسن ذكر الواو ، وتقول : أتاني القوم : زيدٌ وعمرو ، وذلك قوله تعالى : { وَمَن يَفْعَلْ ذلك يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ } [ الفرقان : 68 ، 69 ] لما فسر الآثام بمضاعفة العذاب بحذف الواو ، وهاهنا أدخل الواو بمعنى أنهم يعذبونهم بالتذبيح وبغيره ، فالسوم هنا غير السوم هناك .
وقرأ بان محيصن " يَذْبَحُونَ " مخففاً ، و " يستحيون نساءكم " يتركونهن أحياء ، " وفي ذلك بلاء من ربكم عظيم " ، وفي كونه بلاء وجهان :
الأول : أن تمكين الله إياهم من ذلك الفعل بلاءٌ من الله .
والثاني : أن ذلك إشارة إلى الإنجلاء ، وهو بلاء عظيم ، والبلاء هو الابتلاء ، وذلك قد يكون بالنعمة تارة ، وبالمحنة أخرى ، قال تعالى : { وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً } [ الأنبياء : 35 ] وهذا أولى لأنه موافق لأول الآية وهو قوله : { اذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ } ، قاله ابن الخطيب -رحمه الله- .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.