وقوله : { يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ . . . }
وقال في موضع آخر { والله يُرِيدُ أن يتوبَ عليكم } والعرب تجعل اللام التي على معنى كي في موضع أن في أردت وأمرت . فتقول : أردت أن تذهب ، وأردت لتذهب ، وأمرتك أن تقوم ، وأمرتك لتقوم ؛ قال الله تبارك وتعالى { وأُمِرنا لِنُسْلِم لِربِّ العَالمِين } وقال في موضع آخر { قل إِني أُمِرت أن أكون أوّل من أسلم } وقال { يرِيدون لِيطفِئوا } و { أن يطفِئوا } وإنما صلحت اللام في موضع أن في ( أمرتك ) وأردت لأنهما يطلبان المستقبل ولا يصلحان مع الماضي ؛ ألا ترى أنك تقول : أمرتك أن تقوم ، ولا يصلح أمرتك أن قمت . فلما رأوا ( أن ) في غير هذين تكون للماضي والمستقبل استوثقوا لمعنى الاستقبال بكى وباللام التي في معنى كي . وربما جمعوا بين ثلاثهن ؛ أنشدني أبو ثروان :
أردت لكيما لا ترى لي عَثْرَةً *** ومَنْ ذا الذي يُعْطَى الكمالَ فيَكْملُ
فجمع ( بين اللام وبين كي ) وقال الله تبارك وتعالى : { لِكيلا تَأْسَوْا على ما فاتكم } وقال الآخر في الجمع بينهن :
أردتَ لكيما أن تَطَير بِقرْبتي *** فتتركها شَنا ببيداء بلقع
وإنما جمعوا بينهنّ لاتفاقهنّ في المعنى واختلاف لفظهن ؛ كما قال رؤبة :
*** بِغيرِ لا عَصْفٍ ولا اصْطِرافِ ***
وربما جمعوا بين ما ولا وإن التي على معنى الجحد ؛ أنشدني الكسائي في بعض البيوت : ( لا ما إن رأيت مثلك ) فجمع بين ثلاثة أحرف .
وربما جعلت العرب اللام مكان ( أن ) فيما أشبه ( أردت وأمرت ) مما يطلب المستقبل ؛ أنشدني الأنفي من بنى أنف الناقة من بنى سعد :
ألم تسأَلِ الأنفي يومَ يَسُوقني *** ويَزْعم أنى مُبْطِلُ القولِ كاذِبُهْ
أحاولَ إعناتي بما قال أم رجا *** ليضحك منى أو ليضْحك صاحبُهْ
والكلام : رجا أن يضحك منى . ولا يجوز : ظننت لتقوم . وذلك أنّ ( أَن ) التي تدخل مع الظنّ تكون مع الماضي من الفعل . فتقول : أظنّ ( أن قد ) قام زيد ، ومع المستقبل ، فتقول : أظنّ أن سيقوم زيد ، ومع الأسماء فتقول : أظنّ أنك قائم . فلم تجعل اللام في موضعها ولا كي في موضعها إذ لم تطلب المستقبل وحده . وكلما رأيت ( أن ) تصلح مع المستقبل والماضي فلا تُدخلنَّ عليها كي ولا اللام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.