الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمۡ وَيَهۡدِيَكُمۡ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَيَتُوبَ عَلَيۡكُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (26)

قوله ( يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ) الآية [ 26 ] .

المعنى يريد الله أن يبين لكم حلاله من حرامه ، ويبين لكم طرق الإيمان من قبلكم لتتبعوه ، ( وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ) أي : يرجع بكم إلى طاعته ( وَاللَّهُ عَلِيمٌ ) عليم بمصلحة عباده حكيم في تدبيره فيهم .

والمعنى عند النحويين يريد الله هذا من أجل أن يبين( {[12176]} ) لكم ومثله ( وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمْ )( {[12177]} ) أي : أمرت بهذا لأعدل بينكم( {[12178]} ) ، وفي هذه الآية عند أهل النظر دليل على أن ما حرم علينا قد حرم على من قبلنا لقوله ( وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الذِينَ مِن قَبْلِكُمْ )( {[12179]} ) ، وقيل : المعنى سنن من قبلكم من المؤمنين خاصة( {[12180]} ) .


[12176]:- (ج): يتبين.
[12177]:- الشورى آية 13.
[12178]:- انظر: معاني الأخفش 2/686 ومعاني الزجاج 2/42، وإعراب النحاس 1/408.
[12179]:- يظهر من قوة الكلام أن شرعتنا كشرعة من قبلنا وليس كذلك لأنا خوطبنا كما خوطبوا، وشرع لنا كما شرع لهم، فهدينا لسنتهم وإن اختلفت أحكامنا وأحكامهم، وإما أن يكون الكلام من باب التماثل. انظر: أصول السرخسي 2/99، والتفسير الكبير 10/68، والجامع للأحكام 5/184.
[12180]:- انظر: معاني الزجاج 2/43 واعتمد رأيه ابن عطية في المحرر 4/89.