الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمۡ وَيَهۡدِيَكُمۡ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَيَتُوبَ عَلَيۡكُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (26)

{ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } أي أن يبيّن ، ( اللام ) بمعنى أن ، والعرب تعاقب بين لام كي وبين أن فتضع إحداهما مكان الأُخرى كقوله :

{ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ } [ الشورى : 15 ] وقوله :

{ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } [ الأنعام : 73 ] ، ثم قال في موضع آخر :

{ وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } [ غافر : 66 ] ، وقال :

{ لِيُطْفِئُواْ نُورَ اللَّهِ } [ الصف : 8 ] ، ثم قال في موضع آخر :

{ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ اللَّهِ } [ التوبة : 32 ] .

وقال الشاعر :

أريد لأنسى ذكرها فكأنما *** تمثل لي ليلى بكل سبيل

يريد أن أنسى ، ومعنى الآية : يريد الله أن يبيّن شرائع دينكم ومصالح أمركم .

الحسن : يعلمكم ما تأتون وما تذرون . عطاء : يبيّن لكم ما يقربكم منه . الكلبي : ليبيّن لكم أن الصبر من نكاح الإماء خير لكم .

{ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ } شرايع { الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } في تحريم الأمهات والبنات والأخوات ، كما ذكر في الآيتين . هكذا حرّمها على من كان قبلكم من الأمم { يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } يتجاوز عنكم ما أصبتم قبل أن يبيّن لكم ، قاله الكلبي .

وقال محمد بن جرير : يعني يرجع بكم من معصيته التي كنتم عليها قبل هذا إلى طاعته التي أمركم بها في هذه الآية { وَاللَّهُ عَلِيمٌ } بما يصلح عباده من أمر دينهم ودنياهم { حَكِيمٌ } في تدبيره فيهم