{ يُرِيدُ الله لِيُبَيّنَ لَكُمْ } استئنافٌ مَسوقٌ لتقرير ما سبق من الأحكام وبيانِ كونِها جاريةً على مناهج المهتدين من الأنبياء والصالحين ، قيل : أصلُ النظمِ الكريمِ يُريد الله أن يبين لكم فزيدت اللامُ لتأكيد معنى الاستقبالِ اللازمِ للإرادة ، ومفعولُ يبين محذوفٌ ثقةً بشهادة السباقِ والسياقِ ، أي يريد الله أن يبين لكم ما هو خفيٌ عنكم من مصالحكم وفضائلِ أعمالِكم أو ما تعبَّدَكم به من الحلال والحرامِ ، وقيل : مفعولُ يريد محذوفٌ تقديرُه يريد الله تشريعَ ما شرَع من التحريم والتحليلِ لأجل التبيينِ لكم ، وهذا مذهبُ البصريين ويعزى إلى سيبويهِ ، وقيل : إن اللامَ بنفسها ناصبةٌ للفعل من غير إضمارِ أن وهي وما بعدها مفعولٌ للفعل المتقدمِ فإن اللامَ قد تقام مَقامَ أن في فعل الإرادةِ والأمرِ فيقال : أردت لأذهبَ وأن أذهبَ وأمرتك لتقومَ وأن تقوم ، قال تعالى : { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ الله } [ الصف ، الآية 8 ] وفي موضع : { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا } [ التوبة ، الآية 32 ] وقال تعالى : { وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ } [ الأنعام ، الآية 71 ] وفي موضع : { وَأُمِرْتُ أَنْ أُسلمَ } [ غافر ، الآية 66 ] وفي آخر : { وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُمُ } [ الشورى ، الآية 15 ] أي أن أعدل بينكم وهذا مذهبُ الكوفيين ، ومنعه البصريون وقالوا : إن وظيفةَ اللامِ هي الجرُّ والنصبُ فيما قالوا بإضمار أن أي أُمِرنا بما أمرنا لنُسلم ويريدون ما يريدون ليطفئوا ، وقيل : يؤوّل الفعلُ الذي قبل اللامِ بمصدر مرفوعِ بالابتداء ويُجعل ما بعده خبراً له ، كما في : «تَسْمَعُ بالمُعَيْديّ خيرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ » أي أن تسمَعَ به ، ويُعزى هذا الرأيُ إلى بعض البصْريين { وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الذين مِن قَبْلِكُمْ } من الأنبياء والصالحين لتقتدوا بهم { وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ } إذا أنبتم إليه تعالى عما يقع منكم من التقصير والتفريطِ في مراعاة ما كُلّفتموه من الشرائع فإن المكلفَ قلما يخلو من تقصير يستدعي تلافِيَه بالتوبة ، ويغفرُ لكم ذنوبَكم أو يُرشدُكم إلى ما يردعكم عن المعاصي ويحثُكم على التوبة أو إلى ما يكون كفارةً لسيئاتكم وليس الخطابُ لجميع المكلفين حتى يتخلفَ مرادُه تعالى عن إرادته فيمن لم يتُبْ منهم بل لطائفة معينةٍ حصَلت لهم هذه التوبةُ { والله عَلِيمٌ } مبالِغٌ في العلم بالأشياء التي من جملتها ما شرَع لكم من الأحكام { حَكِيمٌ } مُراعٍ في جميع أفعالِه الحكمةَ والمصلحةَ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.