معاني القرآن للفراء - الفراء  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقۡتُلُواْ ٱلصَّيۡدَ وَأَنتُمۡ حُرُمٞۚ وَمَن قَتَلَهُۥ مِنكُم مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآءٞ مِّثۡلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ يَحۡكُمُ بِهِۦ ذَوَا عَدۡلٖ مِّنكُمۡ هَدۡيَۢا بَٰلِغَ ٱلۡكَعۡبَةِ أَوۡ كَفَّـٰرَةٞ طَعَامُ مَسَٰكِينَ أَوۡ عَدۡلُ ذَٰلِكَ صِيَامٗا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمۡرِهِۦۗ عَفَا ٱللَّهُ عَمَّا سَلَفَۚ وَمَنۡ عَادَ فَيَنتَقِمُ ٱللَّهُ مِنۡهُۚ وَٱللَّهُ عَزِيزٞ ذُو ٱنتِقَامٍ} (95)

قوله : { فَجَزَاء مثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ . . . }

يقول : من أصاب صيدا ناسيا لإحرامه ، معتمِدا للصيد ، حكم عليه حاكِمان عدلان فقيهان يسألانه : أقتلت قبل هذا صيدا ؟ فإن قال : نعم ، لم يحكما عليه ، وقالا : ينتقم الله منك . وإن قال : لا ، حكما عليه ، فإن بلغ قيمةُ حكمها ثمن بَدَنة أو شاة ، حكما بذلك عليه { هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ } ، وإن لم يبلغ ثمن شاة حكما عليه بقيمة ما أصاب : دراهم ، ثمّ قوّماه طعاما ، وأطعمه المساكين ، لكل مسكين نصفُ صاع . فإن لم يجد ، حَكَما عليه أن يصوم يوما مكان كل نصف صاع .

وقوله : { أَو عَدْلُ ذلك صِيَاما } والعَدْل : ما عادل الشيء من غير جنسه ، والعِدل الْمِثل . وذلك أن تقول : عندي عِدل غلامك ، وعِدل شاتك ، إذا كان غلاما يعدل غلاما أو شاة تعدل شاة . فإذا أردت قيمته ، من غير جنسه نصبت العين . وربما قال بعض العرب : عِدله . وكأنه منهم غلط لتقارب معنى العَدْل من العِدل . وقد اجتمعوا على واحد الأعدال أنه عِدل . ونصبك الصيام على التفسير ، كما تقول : عندي رطلان عسلا ، ومِلء بيت قَتّا ، وهو مما يفسّر للمبتدئ : أن ينظر إلى ( مِن ) فإذا حسنت فيه ثم أُلقيت نصبت ؛ ألا ترى أنك تقول : عليه عَدْل ذلك من الصيام . وكذلك قول الله تبارك وتعالى { فلَنْ يُقْبَل مِن أحَدِهِم مِلءُ الأرْضِ ذهبا } .