جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقۡتُلُواْ ٱلصَّيۡدَ وَأَنتُمۡ حُرُمٞۚ وَمَن قَتَلَهُۥ مِنكُم مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآءٞ مِّثۡلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ يَحۡكُمُ بِهِۦ ذَوَا عَدۡلٖ مِّنكُمۡ هَدۡيَۢا بَٰلِغَ ٱلۡكَعۡبَةِ أَوۡ كَفَّـٰرَةٞ طَعَامُ مَسَٰكِينَ أَوۡ عَدۡلُ ذَٰلِكَ صِيَامٗا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمۡرِهِۦۗ عَفَا ٱللَّهُ عَمَّا سَلَفَۚ وَمَنۡ عَادَ فَيَنتَقِمُ ٱللَّهُ مِنۡهُۚ وَٱللَّهُ عَزِيزٞ ذُو ٱنتِقَامٍ} (95)

{ يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حُرم{[1317]} }أي : محرمون جمع حرام { ومن قتله منكم متعمدا } : ذاكرا لإحرامه ، والأصح عند السلف والخلف أن العمد والخطأ سيان في لزوم الكفارة دون الإثم والآية فيهما ولذلك قيده بمتعمد ، أو يدل عليها صريحا قوله : ( ومن عاد فينتقم الله ) { فجزاء } : أي فعليه أو فواجبه جزاء { مثل ما قتل } صفة جزاء { من النّعم } بيان للمثل ومن قرأ فجزاء بالإضافة فمن إضافة المصدر إلى المفعول والمثل غير زائد ، لأنه بصدد بيان أن الجزاء ما هو لا بيان أن عليه جزاء ما قتل ، وهذه المماثلة باعتبار الخلقة والهيئة على الأصح{[1318]} المنقول عن السلف { يحكم به } : الجزاء { ذوا{[1319]}عدل } : رجلان صالحان فإن الأنواع تتشابه ، ففي النعامة بدنة ، وفي حمار الوحش بقرة ، { منكم } : من المسلمين فما حكم الصحابة بالمثلية فهو المتبع وإلا فلابد من عدلين يحكمان ، هذا هو الأصح ، { هديا } حال من ضمير به ، { بالغ الكعبة } ، صفة هديا ، وبالإضافة لفظية أي : واصلا إليه بأن يذبح فيه ، ويتصدق به ، { أو كفارة } ، عطف على جزاء ، { طعام مساكين } بدل منه أو تقديره هي طعام وظاهره التخيير وعليه الأكثرون ، وقال بعض من السلف : إن لم يجد هديا يعدل على أن يقوم مثل ما قتل ، فيشتري بثمنه طعاما لكل مسكين مد فإن لم يجد يصوم ، { أو عدل ذلك{[1320]} صياما } أي : ما ساواه من الصوم فيصوم عن إطعام كل مسكين يوما وصياما تمييز للعدل ، { ليذوق وبال أمره } : ثقل أمره ، وجزاء معصيته أي : أوجبنا عليه ذلك ليذوق ، { عفا الله عما سلف } : قبل التحريم ، { ومن عاد } : إلى مثل ذلك ، { فينتقم الله منه } : في الآخرة أي : فهو ينتقم الله منه ليصح دخول الفاء وعليه مع ذلك الكفارة ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما لا كفارة عليه فإن الأمر أشد ، { والله عزيز ذو انتقام } : على المصر بالمعاصي .


[1317]:فإن الإحرام تذكرة للموت والميت لا يؤذى بوجه والحرم موطن الرفق أيضا/12.
[1318]:وعند الشافعي للمحرم قتل ما لا يؤكل، فإن الصيد لا يطلق عليه عرفا غالبا والجمهور على تحريمه إلا ما يؤمر بقتله، وظاهر القرآن على أن في غير المتعمد لا جزاء وبه قال ابن عباس في أحد قوليه وابن جبير وطاوس وعطاء وسالم وبه قال أبو داود والطبري وأحد قولي الحسن البصري، ومجاهد وأحمد وأما عند مالك وأبي حنيفة والشافعي فلا إثم، ولكن وجب الجزاء ويأباه قوله (متعمدا) وقوله (ومن عاد)/12 وجيز.
[1319]:فما حكم الصحابة في المثلية فهو متبع، وإلا فلا بد من عدلين على الأصح/12.
[1320]:الظاهر أن الإشارة إلى أقرب مذكور، وهو الطعام أي: ما ساواه من الصوم، فيصوم عن إطعام كل مسكين يوما وصياما تمييز للعدل قد أجهل قدر الطعام وعدد المساكين والظاهر ما يسمى طعاما وما يطلق عليه الجمع لكن عند جمع من السلف يُقوَّم الصيد دراهم، ثم يشتري بها الطعام فيطعم كل مسكين نصف صاع، وعند بعض آخر يقوّم الهدي ثم يشتري بقيمته طعاما والآية كالصريح في التخيير بين الثلاثة كالحلف وعليه الأكثرون وهو أصح قولي الشافعي/12 وجيز.