معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَٰلِحٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥۖ قَدۡ جَآءَتۡكُم بَيِّنَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡۖ هَٰذِهِۦ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمۡ ءَايَةٗۖ فَذَرُوهَا تَأۡكُلۡ فِيٓ أَرۡضِ ٱللَّهِۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٖ فَيَأۡخُذَكُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (73)

وقوله : { وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحا }

منصوب بضمير أرسلنا . ولو رفع إذ فقد الفعل كان صوابا ؛ كما قال : { فبشرناها بإسحاق ومِن وراء إسحاق يعقوبُ } وقال أيضا : { فأخرجنا بِهِ ثمراتٍ مختلِفا ألوانها } ثم قال : { ومِن الجِبالِ جُدَدٌ بِيض } فالوجه ها هنا الرفع ؛ لأن الجبال لا تتبع النبات ولا الثمار . ولو نصبتها على إضمار : جعلنا لكم ( من الجِبال جددا بيضا ) كما قال الله تبارك وتعالى : { ختم الله على قلوبِهِم وعلى سمعِهِم وعلى أبصارِهم غشاوةً } أضمر لها جَعَل إذا نصبت ؛ كما قال : { وختم على سمعِهِ وقلبِهِ وجعل على بصرِهِ غِشاوة } والرفع في غشاوة الوجه . وقوله : { ومِن الناسِ والدوابِّ والأَنعامِ مختلِف ألوانه } ولم يقل : ألوانهم ، ولا ألوانها . وذلك لمكان ( مِن ) والعرب تضمر مَن فتكتفي بمن مِن مَنْ ، فيقولون : مِنا مَنْ يقول ذلك ومِنا لا يقوله . ولو جمع على التأويل كان صوابا مثل قول ذي الرمّة :

فظلُّوا ومنهم دمعه سابق له *** وآخر يثنِى دَمْعَة العينِ بالمَهلِ

وقوله : { وزادكم في الخلقِ بسطة } كان أطوالهم مائة ذراع وأقصرهم ستين ذراعا .