قوله تعالى : { وَإِلَى ثَمُودَ } : ثمود اسم رجل وهو ثمود ابن جاثر بن إرَم بن سام وهو أخو جديس ، فثمود وجديس أخوان ثم سُمِّيت به هذه القبيلة ، والأكثر مَنْعُه اعتباراً بما ذكرته ، ومنهم مَنْ جَعَله اسماً للحيِّ فصرفه وهي قراءةُ الأعمش ويحيى بن وثاب في جميع القرآن ، وسيأتي لك خلاف بين القراء السبعة في سورة هود وغيرها . وقيل : سُمُّوا ثمود لقلة مائهم ، والثَّمْدُ الماء القليل . قال النابغة :
واحْكُمْ كحكم فتاة الحي إذ نظرَتْ *** إلى حَمامٍ شِراعٍ واردِ الثَّمَدِ
وصالح اسم عربي وهو صالح بن آسف . وقيل : ابن عبيد بن آسف ابن كاشح بن أروم بن ثمود بن جاثر .
قوله : { قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ } قد كثُر إيلاءُ هذه اللفظةِ العواملَ ، فهي جاريةٌ مَجْرى الأبطح والأبرق في عدم ذِكْرِ موصوفها . وقوله : " من ربكم " يحتمل أن تتعلَّق بجاءتكم و " مِنْ " لابتداء الغاية مجازاً ، وأن تتعلق بمحذوف لأنها صفةُ بَيِّنة . ولا بد مِنْ حَذْف مضاف أي : من بينات ربكم ليتصادَقَ الموصوفُ وصفتُه . وقوله : " آية " نصب على الحال لأنها بمعنى العلامة . والعاملُ فيها : إمَّا معنى التنبيه ، وإمَّا معنى الإِشارة كأنه قال : أنبِّهكم عليها أو أُشير إليها في هذه الحال . ويجوز أن يكون العاملُ مضمراً تقديره : انظروا إليها في هذه الحال ، والجملةُ لا محلَّ لها لأنها كالجواب لسؤالٍ مقدر كأنهم قالوا : أين آيتك ؟ فقال : هذه ناقةُ الله ، وأضافها إلى الله تشريفاً كبيت الله وروح الله ، وذلك لأنها لم تتوالد بين جَمَلٍ وناقة بل خَرَجَتْ من صَلْد كما هو المشهور .
وقوله { لِكُمْ } أي : أعني لكم ، وخُصُّوا بذلك لأنهم هم السائلوها أو المتفعون بها من بين سائر الناس لو أطاعوا . ويحتمل أن تكون " هذه ناقة الله " مفسرةً لقوله " بيِّنة " لأنَّ البينة تستدعي شيئاً يتبيَّن به المُدَّعَى ، فتكون الجملةُ في محل رفع على البدل ، وجاز إبدال جملةٍ من مفرد لأنها في قوته .
قوله : { فِي أَرْضِ اللَّهِ } الظاهرُ تعلُّقه ب " تأكل " وقيل : يجوز تعلُّقه بقوله " فَذَرُوها " ، وعلى هذا فتكونُ المسألة من التنازع وإعمال الثاني ، ولو أعمل الأول لأضمر في الثاني فقال : تأكل فيها في أرض الله . / وانجزم " تأكل " جواباً للأمر . وقد تقدم الخلافُ في جازمه : هل هو نفسُ الجملة الطلبية أو أداة مقدرة ؟ وقرأ أبو جعفر " تأكلُ " برفع الفعل على أنه حالٌ " ، وهو نظير { فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي } [ مريم : 6 ] رفعاً وجزماً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.