الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَإِمَّا تُعۡرِضَنَّ عَنۡهُمُ ٱبۡتِغَآءَ رَحۡمَةٖ مِّن رَّبِّكَ تَرۡجُوهَا فَقُل لَّهُمۡ قَوۡلٗا مَّيۡسُورٗا} (28)

قوله تعالى : { ابْتِغَآءَ رَحْمَةٍ } : يجوز أَنْ يكونَ مفعولاً من أجله ، ناصبُه " تُعْرِضَنَّ " وهو مِنْ وَضْعِ المُسَبَّب موضعَ السببِ ، وذلك أن الأصل : وإمَّا تُعْرِضَنَّ عنهم لإِعسارِك . وجعله الزمخشريُّ منصوباً بجوابِ الشرطِ ، أي : فقل لهم قولاً سهلاً ابتغاء رحمةٍ . وردَّ عليه الشيخ : بأنَّ ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها نحو : " إن يَقُمْ زيدٌ عمراً فاضرِبْ " فإنْ حَذَفْتَ الفاءَ جاز عند سيبويهِ والكسائي نحو : " إنْ يَقُمْ زيدٌ عمراً يَضْرِبْ " . فإن كان الاسمُ مرفوعاً نحو " إن تَقُمْ زيدٌ يَقُمْ " جاز ذلك عند سيبويهِ على أنَّه مرفوعٌ بفعلٍ مقدرٍ يُفَسِّره الظاهرُ بعده ، أي : إنْ تَقُمْ يَقُمْ زيدٌ يقمْ . ومنع مِنْ ذلك الفراءُ وشيخُه .

وفي الردِّ نظرٌ ؛ لأنه قد ثبت ذلك ، لقولِه تعالى : { فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ }

[ الضحى : 9 ] الآية . لأنَّ " اليتيمَ " وما بعده منصوبان بما بعدَ فاءِ الجوابِ .

الثاني : أنه موضعِ الحالِ مِنْ فاعلِ " تُعْرِضَنَّ " .

قوله : " من ربِّك " يجوز أن يكونَ/ صفة ل " رحمةٍ " ، وأَنْ يكونَ متعلِّقاً ب " تَرْجُوها " ، أي : تَرْجُوها مِنْ جهةِ ربِّك ، على المجاز .

قوله : " تَرْجُوها " يجوز أن يكونَ حالاً مِنْ فاعلِ " تُعْرِضَنَّ " ، وأَنْ يكونَ صفةً ل " رحمةٍ " .