الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ذَٰلِكَ مِمَّآ أَوۡحَىٰٓ إِلَيۡكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلۡحِكۡمَةِۗ وَلَا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتُلۡقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُومٗا مَّدۡحُورًا} (39)

قوله تعالى : { ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَى } : مبتدأ أو خبر ، و " ذلك " إشارةٌ إلى جميعِ ما تقدَّم من التكاليفِ وهي أربعةٌ وعشرون نوعاً ، أولُها قولُه : { لاَّ تَجْعَل مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ } [ الإِسراء : 22 ] ، وآخرُها : { وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً } [ الإِسراء : 37 ] . { مِمَّآ أَوْحَى } " مِنْ " للتبعيضِ ؛ لأنَّ هذه بعضُ ما أوحاه اللهُ تعالى إلى نبيِّه .

قوله : { مِنَ الْحِكْمَةِ } يحوز فيه ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : أن يكونَ حالاً مِنْ عائدِ الموصولِ المحذوف تقديرُهُ : مِن الذي أوحاه حالَ كونِهِ من الحكمة ، أو حالٌ من نفسِ الموصولِ . الثاني : أنه متعلق بأَوْحى ، و " مِنْ " إمَّا تبعيضيةٌ ؛ لأنَّ ذلك بعضُ الحكمةِ وإمَّا للابتداءِ ، وإمَّا للبيان . وحينئذٍ تتعلَّق بمحذوفٍ . الثالث : أنها مع مجرورِها بدلٌ مِنْ { مِمَّآ أَوْحَى } .