الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{۞وَعَنَتِ ٱلۡوُجُوهُ لِلۡحَيِّ ٱلۡقَيُّومِۖ وَقَدۡ خَابَ مَنۡ حَمَلَ ظُلۡمٗا} (111)

قوله : { وَعَنَتِ الْوُجُوهُ } : يُقال : عَنا يَعْنُو إذا ذَلَّ وخَضَع . وأَعْناه غيرُه أي : أذلَّه . ومنه العُنَاة جمع عانٍ . وهو الأسيرُ قال :

فيا رُبَّ مَكْروبٍ كرَرْتُ وراءَه *** وعانٍ فَكَكْتُ الغُلَّ عنه فَفَدَّاني

وقال أمية بن أبي الصلت :

مَلِيكٌ على عَرْشِ السماء مُهَيْمِنٌ *** لِعِزَّته تَعْنُوا الوجوهُ وتَسْجُد

وفي الحديث : " فإنَّهنَّ عَوانٍ " .

قوله : { وَقَدْ خَابَ } يجوز أَنْ تكونَ هذه الجملةُ مستأنفةً ، وأن تكونَ حالاً ، ويجوز أن تكونَ اعتراضاً . قال الزمخشري : " وقد خابَ وما بعده اعتراضٌ كقولك : خابوا وخَسِروا ، وكلُّ مَنْ ظَلَم فهو خائبٌ خاسِرٌ " ، ومرادُه بالاعتراضِ هنا أنَّه خَصَّ الوجوهَ بوجوهِ العصاةِ حتى تكونَ الجملةُ قد دَخَلَتْ بين العُصاةِ وبين { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ } فهذا/ عنده قسيمُ " وعَنَتِ الوجوهُ " فلهذا كان اعتراضاً . وأمَّا ابنُ عطية فجعل الوجوهَ عامة ، فلذلك جعل " وقد خابَ مَنْ حَمَل ظلماً " معادَلاً بقولِه : { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ } إلى آخره .