الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَوۡمَئِذٖ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُۥۖ وَخَشَعَتِ ٱلۡأَصۡوَاتُ لِلرَّحۡمَٰنِ فَلَا تَسۡمَعُ إِلَّا هَمۡسٗا} (108)

قوله : { يَوْمَئِذٍ } : منصوبٌ ب " يَتَّبِعُون " . وقيل : بدلٌ من { يَوْمَ الْقِيَامَةِ } . قاله الزمخشري . وفيه نظرٌ للفصل الكثير . وأيضاً فإنه يبقى " يَتَّبِعُون " غيرَ مرتبطٍ بما قبلَه ، وبه يفوتُ المعنى . والتقدير : يومَ إذ نُسِفت الجبال .

قوله : { لاَ عِوَجَ لَهُ } يجوز أَنْ تكونَ الجملةُ مُستأنفةً ، وأن تكونَ حالاً من " الداعي " . ويجوز أن تكونَ الجملةُ نعتاً لمصدرٍ محذوفٍ تقديرُه : يَتَّبِعُونه اتِّباعاً لا عِوَجَ له . والضميرُ في " له " فيه أوجهٌ ، أظهرُها : أنه يعودُ على الداعي أي : لا عِوَجَ لدعائِه بل يَسْمع جميعَهم ، فلا يميلُ إلى ناسِ دونَ ناسٍ . وقيل : هو عائدٌ على ذلك المصدرِ المحذوفِ أي لا عِوَج لذلك الاتِّباع . الثالث : أنَّ في الكلام قلباً . تقديرُه لا عِوَجَ لهم عنه .

قوله : { إِلاَّ هَمْساً } مفعولٌ به وهو استثناءٌ مفرغٌ . والهَمْسُ : الصوتُ الخفيُّ . قيل : هو تحريكُ الشفتين دون نطقٍ . قال الزمخشري : " هو الرِّكْزُ الخفيُّ . ومنه الحروفُ المهموسةُ " . وقيل : هو ما يُسْمع مِنْ وَقْعِ الأقدامِ على الأرض . ومنه هَمَسَتِ الإِبلُ : إذا سُمع ذلك مِنْ وَقْعِ أخفافِها على الأرض قال :

وهُنَّ يَمْشِيْنَ بنا هَمِيْسا ***