الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَأَنَا ٱخۡتَرۡتُكَ فَٱسۡتَمِعۡ لِمَا يُوحَىٰٓ} (13)

قوله : { وَأَنَا اخْتَرْتُكَ } : قرأ حمزةُ في آخرين " وأنَّا اخترناك " بفتحِ الهمزة بضمير المتكلمِ المعظمِ نفسَه . وقرأ السلميُّ والأعمش وابن هرمز كذلك ، إلاَّ أنهم كسروا الهمزةَ . والباقون " وأنا اخْتَرْتُك " بضميرِ المتكلم وحدَه . وقرأ أُبَيٌّ " وأني اخترتك " بفتح الهمزة .

فأمَّا قراءةُ حمزة فعطفٌ على قوله { إِنِّي أَنَاْ رَبُّكَ } ، وذلك أنه بفتح الهمزة هناك ، ففعل ذلك لَمَّا عطف غيرَها عليها . ومَنْ كسرها فلأنه يقرأ " إنِّي أنا ربك " بالكسر . وقراءة أُبَيّ كقراءةِ حمزة بالنسبة للعطف . وجَوَّز أبو البقاء أن يكونَ الفتحُ على تقديرِ : ولأنَّا اخترناك فاستمع ، فعلَّقه باستمع . والأولُ أَوْلَى . ومفعولُ " اخترتك " الثاني محذوف أي : اخترتك مِنْ قومك .

قوله { لِمَا يُوحَى } الظاهرُ تعلُّقه ب " استمِعْ " . ويجوزُ أن تكونَ اللامُ مزيدةً في المفعول على حَدِّ قولِه تعالى : { رَدِفَ لَكُم } [ النمل : 72 ] . وجَوَّز الزمخشريُّ وغيرُه أن تكونَ المسألة من باب التنازع بين " اخْتَرْتُك " وبين " استمع " كأنه قيل : اخترتُك لِما يوحى فاستمع لِما يوحى . قال الزمخشري : " فَعَلَّق اللامَ ب " استمعْ " أو ب " اخترتُك " .

وقد رَدَّ الشيخُ هذا بأنْ قال : " ولا يجوزُ التعليقُ ب " اخترتك " لأنَّه مِنْ بابِ الإِعمال ، يجب أو يُختار إعادةُ الضميرِ مع الثاني فكان يكونُ : فاستمعْ له لِما يوحى ، فَدَلَّ على أنه من باب إعمال الثاني " . قلت : الزمخشريُّ عنى التعليقَ المعنويَّ من حيث الصلاحيةُ ، وأما تقديرُ الصناعةِ فلم يَعْنِه .

و " ما " يجوزُ أَنْ تكونَ مصدريةً ، وبمعنى الذي أي : فاستمعْ للوحيِ أو للذي يُوْحى .