الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِنِّيٓ أَنَا۠ رَبُّكَ فَٱخۡلَعۡ نَعۡلَيۡكَ إِنَّكَ بِٱلۡوَادِ ٱلۡمُقَدَّسِ طُوٗى} (12)

قوله : { إِنِّي } : قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالفتح ، على تقديرِ الباءِ بأني ؛ لأنَّ النداءَ يُوْصَلُ بها تقول : نادَيْتُه بكذا . قال الشاعر : أنشده الفارسيُّ نادَيْتُ باسمِ ربيعةَ بنِ مُكَدَّمٍ *** إنَّ المُنَوَّهَ باسمِه المَوْثُوْقُ

وجَوَّز ابنُ عطية أن يكون بمعنى لأجْلِ . وليس بظاهر . والباقون بالكسرِ : إمَّا على إضمارِ القولِ كما هو رأيُ البصريين ، وإمَّا لأنَّ النداءَ في معنى القولِ عند الكوفيين .

وقوله : { أَنَاْ } يجوزُ أن يكونَ مبتدأ ، وما بعده خبرُه ، والجملةُ خبرُ " إنَّ " . ويجوزُ أن يكونَ توكيداً للضميرِ المنصوب ، ويجوزُ أَنْ يكونَ فَصْلاً .

قوله : " طُوى " قرأ الكوفيون وابنُ عامر " طُوىً " بضمِّ الطاءِ والتنوين . والباقون بضمِّها من غيرِ تنوين . وقرأ الحسنُ والأعمش وأبو حيوةَ وابن محيصن بكسرٍ الطاءِ منوَّناً . وابو زيدٍ عن أبي عمروٍ بكسرِها غيرَ منونٍ .

فمَنْ ضَمَّ ونَوَّنَ فإنه صَرَفَه لأنَّه أَوَّله بالمكان . ومَنء مَنَعه فيحتمل أوجهاً ، أحدها : أنه مَنَعه للتأنيث باعتبار البُقْعَةِ والعَلَمِيَّة . الثاني : أنه مَنَعه للعَدْل إلى فُعَل ، وإن لم يُعْرَفِ اللفظُ المعدولُ عنه ، وجعله كعُمَر وزُفَر . والثالث : أنه اسمٌ أعجمي فَمَنْعُه للعَلَمِيَّة والعُجْمة .

ومَنْ كَسَر ولم يُنَوِّن فباعتبارِ البُقْعة أيضاً . فإن كان اسماً فهو نظيرُ عِنَب ، وإن كان صفةً فهو نظير عِدَى وسِوَى . ومَنْ نَوَّنَه فباعتبار المكان . وعن الحسنِ البَصْريِّ أنه بمعنى الثِّنى بالكسرِ والقَصْر ، والثِّنى : المكررُ مرتين ، فيكون معنى هذه القراءة أنه ظهر مرتين ، فيكون مصدراً منصوباً بلفظ " المقدَّس " لأنه بمعناه كأنه قيل : المقدَّس مرتين ، من التقديس .

وقرأ عيسى بن عمر والضحَّاك " طاوِيْ اذهَبْ " .

و " طُوَى " : إمَّا بدلٌ من الوادي ، أو عطفُ بيانٍ له ، أو مرفوعٌ على إضمارِ مبتدأ ، أو منصوبٌ على إضمار أعني .