البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأَنَا ٱخۡتَرۡتُكَ فَٱسۡتَمِعۡ لِمَا يُوحَىٰٓ} (13)

قرأ طلحة والأعمش وابن أبي ليلى وحمزة وخلف في اختياره وأنا بفتح الهمزة وشد النون اخترناك بنون العظمة .

وقرأ السلمي وابن هرمز والأعمش في رواية { وأنا } بكسر الهمزة والألف بغير النون بلفظ الجمع دون معناه لأنه من خطاب الملوك اخترناك بالنون والألف عطفاً على { إني أنا ربك } لأنهم كسروا ذلك أيضاً ، والجمهور { وأنا اخترتك } بضمير المتكلم المفرد غير المعظم نفسه .

وقرأ أُبَيّ وأني بفتح الهمزة وياء المتكلم { اخترتك } بتاء عطفاً على { إني أنا ربك } ومفعول { اخترتك } الثاني المتعدي إليه بمن محذوف تقديره من قومك .

والظاهر أن { لما يوحى } من صلة استمع وما بمعنى الذي .

وقال الزمخشري وغيره : { لما يوحى } للذي يوحى أو للوحي ، فعلق اللام باستمع أو باخترتك انتهى .

ولا يجوز التعليق باخترتك لأنه من باب الأعمال فيجب أن يختار إعادة الضمير مع الثاني ، فكان يكون فاستمع له لما يوحى فدل على أنه إعمال الثاني .

وقال أبو الفضل الجوهري : لما قيل لموسى صلوات الله على نبينا وعليه استمع لما يوحى وقف على حجر واستند إلى حجر ووضع يمينه على شماله وألقى ذقنه على صدره ، ووقف ليستمع وكان كل لباسه صوفاً .

وقال وهب : أدب الاستماع سكون الجوارح وغض البصر والإصغاء بالسمع وحضور العقل والعزم على العمل ، وذلك هو الاستماع لما يحب الله