الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{كُلُواْ وَٱرۡعَوۡاْ أَنۡعَٰمَكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ} (54)

قوله : { كُلُواْ } : منصوبٌ بقولٍ محذوف ، وذلك القولُ منصوبٌ على الحال مِنْ فاعل " أَخْرَجْنا " تقديره : فأخرَجْنا كذا قائلين : كُلوا . وتَرَكَ مفعولَ الأكل على حَدِّ تَرْكِه في قولِه تعالى : { كُلُواْ وَاشْرَبُواْ } [ البقرة : 60 ] .

" وارْعَوْا " رَعَى يكون لازماً ومتعدِّياً يقال : رَعَى دابَّته/ رَعْياً فهو راعِيها . ورَعَتِ الدابَّةُ تَرْعَى رَعْياً فيه راعيةٌ ، وجاء في الآيةِ متعدِّياً .

والنُّهى فيه قولان ، أحدهما : أنه جَمْعُ نُهْيَة كغُرَف جمع غُرْفَة . والثاني : أنها اسمٌ مفردٌ وهو مصدرٌ كالهُدَى والسُّرَى . قاله أبو عليّ . وكنت قد قدَّمْتُ أولَ هذا الموضوع أنهم قالوا : لم يأتِ مصدرٌ على فُعَل من المعتل اللام إلاَّ سُرَى وهُدَى وبُكَى ، وأنَّ بعضهم زادَ " لٌقَى " وأنشدْتُ عليه بيتاً ثَمَّة ، وهذا لفظٌ آخرُ فيكون خامساً . والنُّهى : العَقْلُ . قالوا : سُمِّي بذلك لأنه يَنْهى صاحبَه عن ارتكابِ القبائح .