البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{كُلُواْ وَٱرۡعَوۡاْ أَنۡعَٰمَكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ} (54)

قالوا : من نعمته عز وجل أن أرزاق العباد إنما تحصل بعمل الأنعام وقد جعل الله علفها مما يفضل عن حاجتهم ولا يقدرون على أكله { كلوا وارعوا أنعامكم } أمر إباحة معمول لحال محذوفة أي { فأخرجنا } قائلين أي آذنين في الانتفاع بها ، مبيحين أن تأكلوا بعضها وتعلفوا بعضها ، عُدِيّ هنا { وارعوا } ورعى يكون لازماً ومتعدياً تقول : رعت الدابة رعياً ، ورعاها صاحبها رعاية إذا سامها وسرحها وأراحها قاله الزجاج .

وأشار بقوله { إن في ذلك } للآيات السابقة من جعل الأرض مهداً وسلك سبلها وإنزال الماء وإخراج النبات .

وقالوا { النُّهى } جمع نهية وهو العقل سُمِّيَ بذلك لأنه ينهى عن القبائح ، وأجاز أبو علي أن يكون مصدراً كالهدى .