الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَأَجۡمِعُواْ كَيۡدَكُمۡ ثُمَّ ٱئۡتُواْ صَفّٗاۚ وَقَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡيَوۡمَ مَنِ ٱسۡتَعۡلَىٰ} (64)

قوله : { فَأَجْمِعُواْ } : قرأ أبو عمرو " فاجْمَعُوا " بوصل الألِف وفتحِ الميمِ . والباقون بقطعِها مفتوحةً وكسرِ الميمِ . وقد تقدَّم تحقيقُ ذلك في سورة يونس ، وما قاله الناسُ في الفرقِ بين الثلاثي والرباعي .

و " كيدَكم " مفعولٌ به . وقيل : هو على إسقاطِ الخافض أي : على كَيْدكم . وليس بشيءٍ .

قوله : { صَفّاً } يجوز أَنْ يكونَ حالاً مِنْ فاعل " ائتُوا " أي : ائتُوا مُصْطَفِّين أي : ذوي صفٍّ فهو مصدرٌ في الأصل . وقيل : هو مفعولٌ به أي : ائتوا قوماً صَفاً ، وفيه التسميةُ بالمصدر ، أو هو على حذفِ المضاف أي : ذوي صف .

قوله : { وَقَدْ أَفْلَحَ } قال الزمخشري : " اعتراضٌ يعني : وقد فاز مَنْ غلب " . قلت : يعني بالاعتراض أنه جِيء بهذه الجملة أجنبيةً بين كلامِهم ومقولهم ، لأنَّ من جملة قولهم " قالوا يا موسى : إمَّا أَنْ تُلْقي " وهذه الجملةُ أعني قولَه وقد أفلَح مِنْ كلامِ الله تعالى فهي اعتراضٌ . بهذا الاعتبارِ . وفيه نظرٌ ؛ لأنَّ الظاهرَ أنها مِنْ مقولاتِهم ، قالوا ذلك تحريضاً لقومِهم على القتالِ ، وحينئذٍ فلا اعتراضَ .