الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَٱلَّذِينَ سَعَوۡاْ فِيٓ ءَايَٰتِنَا مُعَٰجِزِينَ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَحِيمِ} (51)

قوله : { مُعَاجِزِينَ } : قرأ أبو عمرو وابن كثير بالتشديد في الجيم هنا ، وفي حرفَيْ سبأ ، والباقون " مُعاجزين " في الأماكن الثلاثة . والجحدري كقراءة ابن كثير وأبي عمرو في جميع القرآن وابن الزبير : " مُعْجِزين " بسكون العين .

فأمَّا الأُولى ففيها وجهان ، أحدُهما : قال الفارسي : معناه : ناسِبين أصحابَ النبيِّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى العَجْز نحو : فَسَّقْتُه أي نَسَبْتَه إلى الفسق " . والثاني : أنها للتكثير . ومعناها : مُثَبِّطِيْنَ الناسَ عن الإِيمان . وأمَّا الثانيةُ فمعناها : ظانِّين أنهم يَعْجِزوننا . وقيل : معاندِين . وقال الزمخشري : " عاجَزَه : سابقَه ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما في طَلَب إعجازِ الآخرِ عن اللِّحاق به . فإذا سبقه قيل : أعجزه وعَجَزه . فالمعنى : سابقين أو مُسابقين في زعمهم وتقديرِهم طامِعين أنَّ كيدَهم للإِسلامِ يَتِمُّ لهم . والمعنى : سَعَوا في معناها بالفسادِ " . وقال أبو البقاء : إنَّ معاجزين في معنى المُشَدَّدِ ، مثلَ عاهَدَ وعَهَّد . وقيل : عاجَزَ سابَقَ ، وعَجَز سَبَق " .