قوله : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ } : في رفع " أنفسهم " وجهان ، أحدُهما : أنه بدلٌ مِنْ " شهداء " ، ولم يذكر الزمخشري في غضونِ كلامِه غيرَه . والثاني : أنه نعتٌ له ، على أنَّ " إلاَّ " بمعنى " غير " . قال أبو البقاء : " ولو قُرىء بالنصبِ لجاز على أن يكونَ خبرَ كان ، أو منصوباً على الاستثناء . وإنما كان الرفعُ هنا أقوى ؛ لأنَّ " إلاَّ " هنا صفةٌ للنكرةِ كما ذَكْرنا في سورة الأنبياء " . قلت : وعلى قراءةِ الرفعِ يُحتمل أَنْ تكونَ " كان " ناقصةً ، وخبرُها الجارُّ ، وأَنْ تكونَ تامةً أي : ولم يُوجَدْ لهم شهداءُ .
وقرأ العامَّةُ " يكن " بالياءِ من تحتُ ، وهو الفصيحُ ؛ لأنه إذا أُسْنِد الفعلُ لِما بعدَ " إلاَّ " على سبيلِ التفريغ وَجَبَ عند بعضِهم التذكيرُ في الفعل نحو : " ما قام إلاَّ هندٌ " ولا يجوز : ما قامَتْ ، إلاَّ في ضرورة كقوله :
3433 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** وما بَقِيَتْ إلاَّ الضلوعُ الجَراشعُ
أو في شذوذٍ كقراءةِ الحسنِ : " لا تُرَى إلاَّ مَساكنُهم " وقرىء " ولم تَكُنْ " بالتاءِ من فوقُ وقد عَرَفْتَ ما فيه .
قوله : { فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ } في رفعِها ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : أن يكونَ مبتدأ ، وخبرُه مقدرُ التقديمِ أي : فعليهم شهادة ، أو مُؤَخَّرهُ أي : فشهادة أحدِهم كافيةٌ أو واجبةٌ . الثاني : أن يكون خبرَ مبتدأ مضمرٍ أي : فالجوابُ شهادةُ أحدِهم . الثالث : أن يكونَ فاعلاً بفعلٍ مقدرٍ أي : فيكفي . والمصدرُ هنا مضافٌ للفاعلِ .
وقرأ العامَّةُ " أربعَ شهاداتٍ " بالنصبِ على المصدر . والعاملُ فيه " شهادة " فالناصبُ للمصدرِ مصدرٌ مثلُه ، كما تقدَّم في قولِه { فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً } [ الإسراء : 63 ] . وقرأ الأخَوان وحفصٌ برفع " أربع " على أنها خبرُ المبتدأ ، وهو قوله : " فشهادة " .
ويتخرَّجُ على القراءاتين تعلُّقُ الجارِّ في قوله : " بالله " ، فعلى قراءةِ النصبِ يجوزُ فيه ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : أَنْ يتعلَّقَ بشهادات ؛ لأنه أقربُ إليه . والثاني : أنه متعلِّقٌ بقوله : " فشهادةُ " أي : فشهادةُ أحدِهم بالله . ولا يَضُرُّ الفصلُ ب " أربع " لأنها معلومةٌ للمصدرِ فليسَتْ أجنبيةً . والثالث : أن المسألةَ من باب التنازعِ ؛ فإنَّ كلاً مِنْ شهادة وشهادات تَطْلُبه من حيث المَعنى ، وتكون المسألةُ من إعْمال الثاني للحَذْفِ من الأول ، وهو مختار البصريين . وعلى قراءةِ الرفعِ يتعيَّن تَعَلُّقُه بشهادات ؛ إذ لو عَلَّقْتَه بشهادة لَزِمَ الفصلُ بين المصدرِ ومعمولِه بالجرِّ ، ولا يجوزُ لأنه أجنبيٌّ . ولم يُختلفْ في " أربع " الثانية وهي قولُه " أَنْ تَشْهد أ ربعَ شهاداتٍ أنها منصوبةٌ للتصريح بالعاملِ فيها . وهو الفعلُ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.