قوله : { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ } : كقولِه : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُواْ }
[ النور : 2 ] ، فيعودُ فيه ما تقدَّم بحاله . وقوله : { الْمُحْصَنَاتِ } فيه وجهان أحدُهما : أنَّ المرادَ به النساءُ فقط ، وإنَّما خَصَّهُنَّ بالذِّكْر ؛ لأنَّ قَذْفَهُنَّ أشنعُ . والثاني : أنَّ المرادَ بهنَّ النساءُ والرجال ، وعلى هذا فيقالُ : كيف غَلَّبَ المؤنَّثَ على المذكر ؟ والجوابُ : أنه صفةٌ لشيء محذوفٍ يَعُمُّ الرجالَ والنساءَ ، أي : الأنفسَ المحصناتِ وهو بعيدٌ . أو تقولُ : ثَمَّ معطوفٌ محذوفٌ لفهمِ المعنى ، والإِجماعُ على أنَّ حكمَهم حكمُهن أي : والمُحْصَنين .
قوله : { بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ } العامَّة على إضافة اسمِ العددِ للمعدود . وقرأ أبو زرعة وعبد الله بن مسلم بالتنوينِ في العدد ، واستفصحَ الناسُ هذه القراءةَ حتى جاوزَ بعضُهم الحدَّ ، كابنِ جني ، ففضَّلها على قراءة العامَّةِ قال : " لأنَّ المعدودَ متى كان صفةً فالأجودُ الإِتباعُ دونَ الإِضافةِ . تقول : عندي ثلاثةُ ضاربون ، ويَضْعُفُ ثلاثةُ ضاربين " وهذا غلطٌ ، لأن الصفةَ التي جَرَتْ مَجْرى الأسماءِ تُعْطى حكمَها فيُضاف إليها العددُ ، و " شهداء " مِنْ ذلك ؛ فإنه كَثُرَ حَذْفُ موصوفِه . قال تعالى : { مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ }
{ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ } [ البقرة : 282 ] وتقول : عندي ثلاثةُ أَعْبُدٍ ، وكلُّ ذلك صفةٌ في الأصل .
ونَقَل ابنُ عطية عن سيبويهِ أنه لا يُجيزَ تنوينَ العددِ إلاَّ في شعرٍ ، وليس كما نقله عنه ، إنما قال سيبويه ذلك في الأسماءِ نحو : ثلاثةُ رجالٍ ، وأمَّا الصفاتُ ففيها التفصيلُ المتقدمُ .
وفي { شُهَدَآءَ } على هذه القراءةِ ثلاثةُ أوجهٍ . أحدُها : أنه تمييزٌ . وهذا فاسد ؛ لأنَّ مِنْ ثلاثة إلى عشرة يُضافُ لمميِّزه ليس إلاَّ ، وغيرُ ذلك ضرورةٌ . الثاني : أنه حالٌ وهو ضعيفٌ أيضاً لمجيئها من النكرةِ من غيرِ مخصِّص . الثالث : أنها مجرورةٌ نعتاً لأربعة ، ولم ينصَرِفْ لألف التأنيث .
قوله : { وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } يجوزُ أن تكونَ هذه الجملةُ مستأنفةً . وهو الأظهرُ ، وجَوَّزَ أبو البقاء فيها أن تكونَ حالاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.