الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَجَآءَ رَجُلٞ مِّنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ يَسۡعَىٰ قَالَ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ ٱلۡمَلَأَ يَأۡتَمِرُونَ بِكَ لِيَقۡتُلُوكَ فَٱخۡرُجۡ إِنِّي لَكَ مِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} (20)

قوله : { يَسْعَى } : يجوزُ أَنْ يكونَ صفةً ، وأَنْ يكونَ حالاً ؛ لأنَّ النكرةَ قد تَخَصَّصَتْ بالوصفِ بقولِه : { مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ } فإن جَعَلتْ " مِنْ أَقْصَى " متعلقاً ب " جاء " ف " يَسْعَى " صفةٌ ليس إلاَّ . قاله الزمخشريُّ ، بناءً منه على مذهب الجمهورِ وقد تقدَّم/ أنَّ سيبويه يجيز ذلك مِنْ غيرِ شرطٍ . وفي آية يس تقدَّم " مْن أقصى " على " رجل " لأنَّه لم يكنْ مِنْ أقصاها ، وإنما جاء منه ، وهنا وصَفَه بأنه مِنْ أقصاها ، وهما رجلان مختلفان وقِصَّتان متباينتان .

قوله : { يَأْتَمِرُونَ } أي : يَتَآمَرُوْنَ بمعنى يَتشاورون ، كقولِ النَّمِر ابنِ تَوْلب :

أرى الناسَ قد أَحْدَثُوا شِيْمَةً *** وفي كلِّ حادثةٍ يُؤْتَمَرْ

وعن ابن قتيبة : يأمرُ بعضُهم بعضاً . أخذَه مِنْ قولِه تعالى : { وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } [ الطلاق : 6 ] .

قوله : " لك " يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بما يَدُلُّ " الناصحين " عليه أي : ناصحٌ لك من الناصحين ، أو بنفسِ " الناصحين " للاتِّساع في الظرف ، أو على جهةِ البيان أي : أعني لك .