البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَجَآءَ رَجُلٞ مِّنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ يَسۡعَىٰ قَالَ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ ٱلۡمَلَأَ يَأۡتَمِرُونَ بِكَ لِيَقۡتُلُوكَ فَٱخۡرُجۡ إِنِّي لَكَ مِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} (20)

{ وجاء رجل من أقصى المدينة } ، قيل : هو مؤمن آل فرعون ، وكان ابن عم فرعون .

قال الكلبي : واسمه جبريل بن شمعون .

وقال الضحاك : شمعون بن إسحاق .

وقيل : هو غير مؤمن آل فرعون .

{ يسعى } : يشتد في مشيه .

ولما أمر فرعون بقتله ، خرج الجلاوزة من الشارع الأعظم ، فسلك هذا الرجل طريقاً أقرب إلى موسى .

ومن أقصى المدينة ، ويسعى : صفتان ، ويجوز أن يكون يسعى حالاً ، ويجوز أن يتعلق من أقصى بجاء .

قال الزمخشري : وإذا جعل ، يعني ، من أقصى حالاً ، لجاء لم يجز في يسعى إلاّ الوصف . انتهى .

يعني : أن رجلاً يكون نكرة لم توصف ، فلا يجوز منها الحال ، وقد أجاز ذلك سيبويه في كتابه من غير وصف .

قال : { إن الملأ } ، وهم وجوه أهل دولة فرعون ، { يأتمرون } : يتشاورون ، قال الشاعر ، وهو النمر بن تولب :

أرى الناس قد أحدثوا شيمة *** وفي كل حادثة يؤتمر

وقال ابن قتيبة : يأمر بعضهم بعضاً بقوله ، من قوله تعالى : { وائتمروا بينكم بمعروف } { فاخرج إني لك من الناصحين } .

ولك : متعلق إما بمحذوف ، أي ناصح لك من الناصحين ، أو بمحذوف على جهة البيان ، أي لك أعني ، أو بالناصحين ، وإن كان في صلة أل ، لأنه يتسامح في الظرف والمجرور ما لا يتسامح في غيرهما .

وهي ثلاثة أقوال للنحويين فيما أشبه هذا ،