اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَجَآءَ رَجُلٞ مِّنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ يَسۡعَىٰ قَالَ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ ٱلۡمَلَأَ يَأۡتَمِرُونَ بِكَ لِيَقۡتُلُوكَ فَٱخۡرُجۡ إِنِّي لَكَ مِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} (20)

قوله : { وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَا المدينة يسعى } ، أي : من آخر المدينة اسمه : حزقيل مؤمن آل فرعون ، وقيل اسمه{[39941]} شمعون ، وقيل : ( شمعان ){[39942]} {[39943]} : «يَسْعَى » قال الزمخشري : «يَسْعَى » يجوز ارتفاعه وصفاً ل «رَجُلٌ » وانتصابه حالاً عنه ، لأنه قد تخصص بالوصف بقوله : { مِنْ أَقْصَى المدينة } ، فإن جعلت «مِنْ أَقْصَى » متعلقاً ب «جَاءَ » ف «يَسْعَى » صفة ليس إلا{[39944]} . وهذا بناء منه على مذهب الجمهور ، وقد تقدَّم أَنَّ سيبويه يجيز ذلك من غير شَرْط{[39945]} .

وفي آية يس{[39946]} قدَّمَ «مِنْ أَقْصَى » على «رَجُل » ، لأنه لم يكن من أقصاها وما جاء منها{[39947]} وهنا وصفه بأنه من أقصاها ، وهما رجلان مختلفان وقضيتان متباينتان .

( قوله ){[39948]} «يَأْتَمِرُونَ » أي : يتآمرون بمعنى يتشاورون ، كقول النمر بن تولب :

3984 - أَرَى النَّاسَ قَدْ أَحْدَثُوا شبهَةً *** وَفِي كُلِّ حَادِثَةٍ مُؤْتَمَرْ{[39949]}

وعن ابن قتيبة : يأمر بعضهم بعضاً{[39950]} . أخذه من قوله تعالى : { وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } [ الطلاق : 6 ] . ( قوله ){[39951]} «فَاخْرُجْ » أي : من المدينة ، { إِنِّي لَكَ مِنَ{[39952]} الناصحين } في الأمر بالخروج ، فقوله «لَكَ » ، يجوز أن يتعلق بما يدلُّ «النَّاصِحِينَ » عليه ، أي ؛ ناصحٌ لك من الناصحين ، أو بنفس «النَّاصِحِينَ » للاتساع في الظرف ، أو على جهة البيان أي : أعني لك{[39953]} .


[39941]:اسمه: سقط من ب.
[39942]:انظر البغوي 6/328.
[39943]:ما بين القوسين في ب: يسمعون. وهو تحريف.
[39944]:الكشاف 3/161، وفيه: وإذا جعل صلة لـ "جاء" لم يجز في (يسعى) إلا الوصف.
[39945]:تقدم قريباً.
[39946]:يشير إلى قوله تعالى: {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين} [يس: 20]. وفي ب: ليس. وهو تحريف.
[39947]:في النسختين: منه.
[39948]:ما بين القوسين بياض في الأصل.
[39949]:البيت من بحر المتقارب قاله النمر بن تولب، شاعر مخضرم، وهو في مجاز القرآن 2/100، تفسير ابن عطية 11/280، القرطبي 13/266، البحر المحيط 7/111.
[39950]:تفسير غريب القرآن (330-331).
[39951]:ما بين القوسين بياض في الأصل.
[39952]:في الأصل: لمن. وهو تحريف.
[39953]:انظر البحر المحيط 7/111.