الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{لِّيَسۡـَٔلَ ٱلصَّـٰدِقِينَ عَن صِدۡقِهِمۡۚ وَأَعَدَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابًا أَلِيمٗا} (8)

قوله : { لِّيَسْأَلَ } : فيها وجهان ، أحدُهما : أنها لامُ كي أي : أَخَذْنا ميثاقَهم ليَسْأل المؤمنين عن صدقهم ، والكافرين عن تكذيبهم ، فاستغنى عن الثانِي بذِكْر مُسَبِّبه وهو قولُه : " وأَعدَّ " . والثاني : أنها للعاقبة أي : أَخَذَ الميثاقَ على الأنبياء ليصيرَ الأمرُ إلى كذا . ومفعولُ " صدقِهم " محذوفٌ أي : صِدْقِهم عهدَهم . ويجوز أن يكون " صِدْقِهم " في معنى " تَصْديقهم " ، ومفعولُه محذوفٌ أيضاً أي : عن تصديقِهم الأنبياءَ .

قوله : " وأَعَدَّ " يجوزُ فيه وجهان ، أحدهما : أَنْ يكونَ معطوفاً على ما دَلَّ عليه " ليَسْألَ الصادقين " ؛ إذ التقديرُ : فأثاب الصادقين وأعَدَّ للكافرين . والثاني : أنه معطوفٌ على " أَخَذْنا " لأنَّ المعنى : أنَّ اللَّهَ تعالى أكَّدَ على الأنبياءِ الدعوةَ إلى دينه لإِثابة المؤمنين وأعَدَّ للكافرين . وقيل : إنه قد حَذَفَ من الثاني ما أثبت مقابلَه في الأول ، ومن الأولِ ما أثبتَ مقابلَه في الثاني . والتقدير : ليسألَ الصادقينِ عن صِدْقِهم فأثابهم ، ويَسْألَ الكافرين عَمَّا أجابوا به رُسُلَهم ، وأعَدَّ لهم عذاباً أليماً .