الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ رَأَيۡتَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودٗا} (61)

قوله تعالى : { رَأَيْتَ } : فيها وجهان ، أحدُهما : أنها من رؤية البصر أي : مجاهرة وتصريحاً . والثاني : انها من رؤية القلب أي : " علمت " ، ف " يصدُّون " في محل نصب على الحال القول الأول ، وفي محلِّ المفعول الثاني على الثاني . و " صدوداً " فيه وجهان ، احدهما : أنه اسم مصدر ، والمصدر إنما هو الصدُّ ، وهذا اختبار ابن عطية ، وعزاه مكي للخليل بن أحمد . والثاني : انه مصدر بنفسه يقال : صد صَدًّاً وصُدوداً ، وقال بعضُهم : " الصُّدود : مصدر " صَدَّ " اللازم ، والصَّدُّ مصدر " صد " المتعدي ، نحو :

{ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ } [ النمل : 24 ] ، والفعل هنا متعدِّ بالحرف لا بنفسِه ، فلذلك جاء مصدرُه على " فُعُول " لأنَّ فُعولاً غالباً للازم " وهذا فيه نظرٌ ، إذ لقائلٍ أَنْ يقولَ : هو هنا متعد ، غايةُ ما فيه أنه حَذَف المفعول أي : يَصُدُّون غيرهم - أو المتحاكمين عندك - صدوداً ، وأمَّا فُعول فاء في المتعدي نحو : لزمه لُزوماً وفتنة فُتوناً .