اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ رَأَيۡتَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودٗا} (61)

لما بين - [ تعالى ]{[8548]} - رغبتَهُم في التَّحَاكُم إلى الطَّاغُوتِ [ بين ]{[8549]} نَفْرتَهم عن التَّحَاكُم إلى الرَّسُولِ ، وقد تَقَدَّم الكَلاَمُ على { تَعَالَوْاْ } في آل عمران .

قوله : { رَأَيْتَ } فيها وجهان :

أحدهما : [ أنها من رُؤيَة البَصَرِ ، أي : مُجَاهَرَة وتصْرِيحاً ]{[8550]} .

[ والثاني : ]{[8551]} أنَّها من رُؤيَة القَلْب ، أي عَلِمْتَ ؛ ف { يَصُدُّونَ } في محلِّ نَصْبٍ على الحَالِ على القَوْلِ الأوَّلِ ، وفي مَحَلِّ المَفْعُول الثَّانِي على الثَّانِي .

وقوله : { صُدُوداً } فيه{[8552]} وجهان :

أحدهما : أنه اسْمُ مَصْدَرٍ ، والمصْدَر إنما هو الصَّدُّ ، وهذا اخْتِيَار ابن عطيَّة{[8553]} ، وعزَاه مكِّي للخَلِيل بن أحمد .

والثَّاني : أنه مَصْدر بِنَفْسِه ؛ يقال : صَدَّ صَدّاً وصُدُوداً ، وقال بَعْضُهم : الصُّدُود مَصْدَرُ صَدَّ اللازم ، والصَّدُّ مصدرُ صَدَّ المُتَعَدَّي ، نحو : { فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ }

[ النمل : 24 ] والفعْل هنا مُتَعَد بالحَرْفِ لا بِنَفْسِه ، فلذلك جاءَ مصدَرُه على " فُعُول " ؛ لأن " فُعُولا " غالباً اللازِم ، وهذا فيه نَظَر ؛ إذا لِقَائِل أن يقُول : هو هُنا مُتَعَدٍّ ، غاية ما فيه أنه حَذَفَ المَفْعُول ، أي : يَصُدُّون غيرَهُم ، أو المُتَحاكِمين عنك صُدُوداً ، وأما " فُعُول " فجاء في المُتَعَدِّي ، نحو : لَزِمَهُ لُزُوماً ، وفَتَنَهُ فُتُوناً .

ومعنى الآية : يعرضون عنك ، وذكر المَصْدَر للتَّأكيد والمُبَالَغَة ؛ كأنه قال{[8554]} : صُدُوداً أيَّ صُدُودٍ .


[8548]:سقط في أ.
[8549]:سقط في أ.
[8550]:سقط في ب.
[8551]:سقط في ب.
[8552]:في ب: فيها.
[8553]:ينظر: المحرر الوجيز 2/73.
[8554]:في ب: قيل.