قوله : { وَأَن لَّيْسَ } : هي المخففةُ أيضاً . ولم يُفْصَلْ هنا بينها وبين الفعلِ لأنه لا يَتَصَرَّفُ . ومحلُّها الجرُّ أو الرفعُ أو النصبُ لعَطْفِها على أَنْ قبلَها ، وكذلك محلُّ " وأَنَّ سَعْيَه " و " يُرَى " مبني للمفعول فيجوزُ أَنْ يكونَ من البصرية أي : يُبْصَر ، وأن يكونَ من العِلميَّة ، فيكونُ الثاني محذوفاً أي : يُرى حاضراً ، والأولُ أوضحُ . وقال مكي : " وأجاز الزجَّاج " يَرى " بفتح الياء على إضمارِ الهاءِ أي : سوفَ يَراه ، ولم يُجِزْه الكوفيون لأنَّ سَعْيَه يَصير قد عملَ فيه " أنَّ " و " يَرى " وهو جائزٌ عند المبرد وغيرِه ؛ لأن دخولَ " أنَّ " على " سَعْيَه " وعملَها يَدُلُّ على أن الهاء المحذوفة مِنْ " يَرَى " ، وعلى هذا جَوَّز البصريون : " إنَّ زيداً ضربْتُ " بغير هاء " . قلت : وهو خلافٌ ضعيفٌ ؛ توهَّموا أن الاسمَ تَوَجَّه عليه عاملان مختلفان في الجنسيةِ ، وإنما قلتُ في الجنسية لأنَّ رأيَ بعضِهم أنه يُعْمِلُ فعلَيْن في معمولٍ واحدٍ ، ومنه بابُ التنازع في بعض صورِه نحو : قام وقعد زيدٌ ، وضربْتُ وأكرمْتُ عَمْراً ، وأن يعملَ عاملٌ واحدٌ في اسمٍ وفي ضميرِه معاً نحو : " زيداً ضربتُه " في باب الاشتغال ، وهذا توهُّمٌ باطلٌ لأنَّا نقولُ " سَعْيَه " منصوبٌ ب " أنَّ " ، و " يَرى " متسلِّطٌ على ضميره المقدر .
قلت : فظاهرُ هذا أنه لم يُقْرَأْ به ، وقد حكى أبو البقاء أنه قُرِىء به شاذَّاً ، ولكنه ضَعَّفه مِنْ جهةٍ أخرى فقال : " وقُرِىء بفتح الياء وهو ضعيفٌ ؛ لأنه ليس فيه ضميرٌ يعودُ على اسم " أنَّ " وهو السَّعْي ، والضميرُ الذي فيه للهاءِ ، فيبقى الاسمُ بغير خبرٍ ، وهو كقولِك : " إنَّ غلامَ زيدٍ قامَ " وأنت تعني : قام زيدٌ ، فلا خبرَ لغلام . وقد وُجِّه على أن التقديرَ : سوف يَراه فتعودُ الهاءُ على السعي وفيه بُعْدٌ " انتهى . وليت شعري كيف توهَّم المانعَ المذكورَ ، وكيف نَظَّره بما ذكر ؟ ثم أيُّ بُعْدٍ في تقدير : سوف يَرى سعي نفسِه ؟ وكأنَّه اطلع على مذهبِ الكوفيين في المنعِ إلاَّ أنَّ المُدْرَك غيرُ المُدْرِك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.