الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قُلۡ إِنِّي نُهِيتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِۚ قُل لَّآ أَتَّبِعُ أَهۡوَآءَكُمۡ قَدۡ ضَلَلۡتُ إِذٗا وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ} (56)

قوله تعالى : { أَنْ أَعْبُدَ } : في محل " أَنْ " الخلاف المشهور ، إذ هي على حَذْفِ حرف تقديره : نُهِيْتُ عن أن أعبدَ . وقوله : { قَدْ ضَلَلْتُ } " إذن " حرف جواب وجزاء لا عمل لها هنا لعدم فعلٍ تعمل فيه ، والمعنى : " إن اتَّبَعْتُ أهواءَكم ضَللْت وما اهتدَيْت " فهي في قوة شرط وجزاء .

والجمهور : { ضَلَلْتَ } بفتح اللام الأولى . وقرأ أبو عبد الرحمن ويحيى وطلحة بكسرها ، وقد تقدَّم أنها لغة . ونقل صاحب التحرير [ عن يحيى وابن أبي ليلى أنها قرآ ] هنا وفي ألم السجدة : { أَإِذَا ضَلَلْنَا } بصاد غير معجمة . يقال : صَلَّ اللحمُ أي : أنتن ، وهذا له بعض مناسبة في آية السجدة ، وأما هنا فمعناه بعيدٌ أو ممتنعٌ . وروى العباس عن ابن مجاهد في " الشواذ " له : " صُلِلْنا في الأرض " أي دُفِنَّا في الصَّلَّة وهي الأرضُ الصُلْبة . وقوله : { وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ } تأكيد لقوله : { قَدْ ضَلَلْتُ } وأتى بالأولى جملةً فعلية ليدلَّ على تجدد الفعل وحُدوثهِ ، وبالثانية اسميةً ليدلَّ على الثبوت .