تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ إِنِّي نُهِيتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِۚ قُل لَّآ أَتَّبِعُ أَهۡوَآءَكُمۡ قَدۡ ضَلَلۡتُ إِذٗا وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ} (56)

الآية 56 وقوله تعالى : { قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله } معناه ، والله أعلم : إني نهيت بما أكرمت من العقل واللب إن أعبد الذين تعبدون من دون الله ، أو يقول : إني نهيت بما أكرمت من الوحي والرسالة { أن أعبد الذين تدعون من دون الله } .

[ وقوله تعالى ]{[7150]} { قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين } ثم أخبر أن ما يعبدون هم من دون الله إنما يعبدون اتباعا لهوى أنفسهم ، وإنما يعبد هو ليس يتبع هوى نفسه ، وإنما يتبع الحجة والسمع وما يستحسنه العقل .

ألا ترى أنه قال : { على بينة من ربي } ؟ [ الأنعام : 57 ] أي على حجة من ربي ؛ يخبر أن ما يعبد هو{[7151]} أن يعبد اتباعا للحجة والعقل ، وما يعبدون اتباعا لهوى أنفسهم . وما يتبع بالهوى : يجوز أن يترك{[7152]} اتباعه ، ويتبع غيره لما تهوى النفس{[7153]} هذا ، ولا تهوى الأول . وأما ما يتبع بالحجة والسمع وما يستحسنه{[7154]} العقل فإنه لا يجوز أن يترك اتباعه ، ويتبع غيره .

وفيه تعرض لسفيههم لأنه قال : { قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين } أي لو اتبعت أهواءكم لضللت إذن ، وأنتم ، إذا اتبعتم أهواءكم لعبادتكم غير الله ، ضلال ، ولستم بالمهتدين ، فهو عرض{[7155]} التسفيه لهم والشتم منه .


[7150]:- ساقطة من الأصل وم .
[7151]:- في الأصل وم: هم.
[7152]:- في الأصل وم: ينزل.
[7153]:- في الأصل وم: نفسه.
[7154]:- من م، في الأصل: يحسنه.
[7155]:- في الأصل: تعرض. في م: تعريض.