اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قُلۡ إِنِّي نُهِيتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِۚ قُل لَّآ أَتَّبِعُ أَهۡوَآءَكُمۡ قَدۡ ضَلَلۡتُ إِذٗا وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ} (56)

قوله تعالى : { قُلْ إِنِّي نُهِِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ } " أن أعبد " في محل " أن " الخلاف المشهور ، إذ هي على حذف حرفٍ ، تقديره : نهيت عن أن أعْبُدَ الذين تدعون من دون الله قل : لا أتَّبعُ أهْوَاءَكُمْ في عِبَادَةِ الأوْثانِ ، وطرْدِ الفقراء .

قوله : " قَدْ ضَلَلْتُ إذَنْ " " إذن " حرف جواب وجزاء ، ولا عمل لها هنا لعدم فعل تعمل فيه ، والمعنى : " إن اتبعت أهْواءكم ضللت وما اهتديت " فهي في قُوَّة شرط وجزاء .

وقرأ{[14052]} الجمهور " ضَلَلْت " بفتح " اللام " الأولى .

وقرأ{[14053]} أبو عبد الرحمان ، ويحيى ، وطلحة : بكسرها وقد تقدَّم أنها لغة .

وقل صاحب " التحرير " عن يحيى ، وابن أبي ليلى أنهما قرءا هنا وفي " ألم السجدة " : " أإذا صَلَلْنَا " [ السجدة :10 ] بصاد غير معجمة يقال : صل اللَّحم أي : أنْتَنَ ، وهذا له بَعْضُ مُناسبةٍ في آية " السجدة " ، وأما هنا فمعناه بعيد أو ممتنع .

وروى العباس عن ابن مجاهد{[14054]} في " الشواذ " له : " صُلِلْنَا في الأرْضِ " ، أي : دُفِنَّا في الصِّلَّة ، وهي [ الأرضُ ] الصّلْبَةُ .

وقوله : " ومَا أنَا مِن المُهتدينَ " تأكيد لقوله : " قَدْ ضَلَلْتُ " وأتى بالأولى جملة فعلية لِتَدُلَّ على تَجَدُّدِ الفعل وحدوثه ، وبالثانية اسمية لتدل على الثبوت . والمعنى " وما أنا من المهتدين ، يعني إن فعلت ذلك ، فقد تركت سبيل الحقّ ، وسلكت غير سبيل الهدى " .


[14052]:ينظر: الدر المصون 3/77، البحر المحيط 4/145.
[14053]:ينظر: الدر المصون 3/77، البحر المحيط 4/145.
[14054]:ينظر: الدر المصون 3/77، البحر المحيط 4/145.