فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قُلۡ إِنِّي نُهِيتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِۚ قُل لَّآ أَتَّبِعُ أَهۡوَآءَكُمۡ قَدۡ ضَلَلۡتُ إِذٗا وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ} (56)

{ قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين 56 قل إني على بينة من ربي وكذبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين 57 } .

{ قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون } أمره سبحانه أن يعود إلى مخاطبة الكفار ويخبرهم بأنه نهي عن عبادة ما يدعونه ويعبدونه { من دون الله ، قل لا أتبع أهواءكم } أمره سبحانه بأن يقول لهم لا أسلك المسلك الذي سلكتموه في دينكم من اتباع الأهواء والمشي على ما توجبه المقاصد الفاسدة التي يتسبب عنها الوقوع في الضلال ، كرر الأمر مع قرب العهد اعتناء بالمأمور به وإيذانا باختلاف القولين من حيث أن الأول حكاية لما هو من جهته تعالى وهو النهي ، والثاني حكاية لما هو من جهته عليه السلام وهو الانتهاء عما ذكر من عبادة ما يعبدونه .

{ قد ضللت إذا } أي إن اتبعت أهواءكم فيما طلبتموه من عبادة معبوداتكم وطرد من أردتم طرده ، قال الجوهري : الضلال والضلالة ضد الرشاد وقد ضللت أضل ، قال الله تعالى : { قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي } قال فهذه يعني المفتوحة لغة نجد وهي الفصيحة وأهل العالية تقول ضللت بالكسر أضل انتهى .

{ وما أنا من المهتدين } إن فعلت ذلك ، وهذه الجملة الإسمية معطوفة على الجملة التي قبلها والمجيء بها اسمية عقب تلك الفعلية للدلالة على الدوام والثبات .