الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِن يَثۡقَفُوكُمۡ يَكُونُواْ لَكُمۡ أَعۡدَآءٗ وَيَبۡسُطُوٓاْ إِلَيۡكُمۡ أَيۡدِيَهُمۡ وَأَلۡسِنَتَهُم بِٱلسُّوٓءِ وَوَدُّواْ لَوۡ تَكۡفُرُونَ} (2)

قوله : { وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ } : في " وَدُّوا " وجهان ، أحدهما : أنه معطوفٌ على جواب الشرطِ وهو قوله : " يكونوا " و " يَبْسُطوا " قاله الزمخشري . ثم رتَّب عليه سؤالاً وجواباً فقال : " فإنْ قلتَ : كيف أورَدَ جوابَ الشرط مضارعاً مثلَه ثم قال : " وَدُّوا " بلفظ الماضي ؟ قلت : الماضي وإنْ كان يجري في باب الشرط مَجْرى المضارع في علم الإِعراب ، فإن فيه نكتةً ، كأنه قيل : وودُّوا قبل كلِّ شيءٍ كُفْرَكم وارتدادَكم ، يعني : أنهم يريدون أن يُلْحِقوا بكم مَضارَّ الدنيا والآخرةِ جميعاً " . والثاني : أنه معطوفٌ على جملةِ الشرط والجزاء ، ويكون تعالى قد أخبر بخبَرَيْن : بما تَضَمَّنَتْه الجملةُ الشرطيةُ ، وبودادتهم كُفْرَ المؤمنين . وجعل الشيخُ هذا راجحاً ، وأسقط به سؤالَ الزمخشريِّ وجوابَه فقال : " وكان الزمخشريُّ فَهِمَ مِنْ قولِه : " وَوَدُّوا " أنه معطوفٌ على جوابِ الشرطِ . والذي يظهرُ أنه ليس معطوفاً عليه لأنَّ/ ودادتَهم كفرَهم ليسَتْ مترتبةً على الظفر بهم والتسليطِ عليهم ، بل هم وادُّون كفرَهم على كلِّ حالٍ ، سواءً ظَفِروا بهم أم لم يظفروا بهم " . انتهى .

قلت : والظاهرُ أنه عطفٌ على الجواب . وقوله : هم وادُّون ذلك مُطلقاً مُسَلَّمٌ ، ولكن ودادتَهم له عند الظفرِ والتسليطِ أقربُ وأطمعُ لهم فيه .

وقوله : { لَوْ تَكْفُرُونَ } يجوزُ أَنْ تكونَ لما سيقعُ لوقوع [ غيرِه ] ، وأَنْ تكونَ المصدريةَ عند مَنْ يرى ذلك ، وقد تقدَّم تحريرهما في البقرة .