قوله : { إِن يَثْقَفُوكُمْ } يلقونكم ويصادفونكم ، ومنه المثاقفة ، أي : طلب مصادفة [ الغرة ]{[56184]} في المسايفة وشبهها .
وقيل : «يثقفوكم » : يظفروا بكم ويتمكنوا منكم { يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَاءً ويبسطوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بالسوء } أي : بالضَّرب والشَّتم{[56185]} .
قوله : { وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ } .
في «ودوا » وجهان{[56186]} :
أحدهما : أنه معطوفٌ على جواب الشرط ، وهو قوله : «يَكُونُوا » و «يَبْسطُوا » قاله الزمخشري{[56187]} .
ثم رتب عليه سؤالاً وجواباً ، فقال : «فإن قلت : كيف أورد جواب الشَّرط مضارعاً مثله ، ثم قال : " ودوا " بلفظ الماضي ؟ .
قلت : الماضي وإن كان يجري في باب الشرط مجرى المضارع في علم الإعراب ، فإن فيه نكتة ، كأنه قيل : ودوا قبل كل شيء كفركم وارتدادكم ، يعني أنهم يريدون أن يلحقوا مضار الدنيا والآخرة جميعاً » .
والثاني : أنه معطوف على جملة الشَّرط والجزاء ، ويكون تعالى قد أخبر بخبرين بما تضمنته الجملة الشرطية ، وموادتهم كفر المؤمنين .
ورجح أبو حيان هذا ، وأسقط به سؤال الزمخشري وجوابه ، فقال{[56188]} : «وكأن الزمخشري فهم من قوله : " ووَدُّوا " أنه معطوف على جواب الشرط ، والذي يظهر أنه ليس معطوفاً عليه ؛ لأن ودادتهم كفرهم ليست مرتبة على الظفر بهم والتسليط عليهم ، بل هم وادُّون كفرهم على كل حال سواء ظفروا بهم أم لم يظفروا » انتهى .
قال شهاب الدين{[56189]} : «والظَّاهر أنه عطف على الجواب ، وقوله : هم وادُّون ذلك مطلقاً مسلم ، لكن ودَادَتَهُم له عند الظَّفر والتسليط{[56190]} أقرب وأطمع لهم فيهم » .
وقوله : { لَوْ تَكْفُرُونَ } يجوز أن يكون لما سيقع لوقوع ، وأن تكون المصدرية عند من يرى ذلك ، وتقدم تحريرهما في البقرة .
والمعنى{[56191]} : ودوا لو تكفرون بمحمد صلى الله عليه وسلم فلا تناصحوهم ، فإنهم لا يناصحونكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.