السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِن يَثۡقَفُوكُمۡ يَكُونُواْ لَكُمۡ أَعۡدَآءٗ وَيَبۡسُطُوٓاْ إِلَيۡكُمۡ أَيۡدِيَهُمۡ وَأَلۡسِنَتَهُم بِٱلسُّوٓءِ وَوَدُّواْ لَوۡ تَكۡفُرُونَ} (2)

{ إن يثقفوكم } أي : يظفروا بكم في وقت من الأوقات ومكان من الأماكن ، { يكونوا لكم أعداء } أي : ولا ينفعكم إلقاء المودّة إليهم ، { ويبسطون إليكم } أي : خاصة ، وإن كان هناك في ذلك الوقت من غير من قتل أعز الناس عليهم { أيديهم } أي : بالضرب أن استطاعوا { وألسنتهم } أي : بالشتم مضمومة إلى فعل أيديهم فعل من ضاق صدره بما تجرّع من آخر من الغصص حتى أوجب له غاية السفه { بالسوء } أي : بكل ما من شأنه أن يسوء { وودّوا } أي : تمنوا قبل هذا { لو تكفرون } لأنّ مصيبة الدين أعظم فهو إليها أسرع ، لأنّ دأب العدوّ القصد إلى أعظم ضرر يراه لعدوّه ، وعبر بما يفهم التمني الذي يكون في المحالات ليكون المعنى أنهم أحبوا ذلك غاية الحب وتمنوه ، وفيه بشرى بأنه من قبيل المحال ، وقدم الأوّل لأنه أبين في العداوة وإن كان الثاني أنكى .

ولما كانت عداوتهم معروفة ، وإنما غطاها محبة القرابات لأنّ الحب للشيء يعمي ويصم فخطأ رأيهم في موالاتهم بما أعلمهم به من حالهم .