الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{لَّا يَسۡمَعُونَ فِيهَا لَغۡوٗا وَلَا كِذَّـٰبٗا} (35)

قوله : { وَلاَ كِذَّاباً } : الكسائيُّ بالتخفيف . والباقون بالتثقيلِ ، وإنما وافق الكسائيُّ الجماعةَ في الأولِ للتصريحِ بفعلِه المشدَّدِ المقتضي لعدمِ التخفيفِ في " كِذّاباً " وهذا ما تقدَّم في قولِه { فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ } [ الإِسراء : 91 ] حيث لم يُخْتَلَفْ فيه ، للتصريح معه بفعلهِ ، بخلافِ الأول . وقال مكيٌّ " مَنْ شَدَّد جَعَلَه مصدرَ " كَذَّبَ " زِيْدَتْ فيه الألفُ كما زِيْدَتْ في " إكراماً " ، وقولُهم " تَكْذيباً " جعلوا التاءَ عوضاً مِنْ تشديدِ العينِ ، والياءَ بدلاً من الألف ، غيَّروا أوَّلَه كما غيَّروا آخره . وأصلُ مصدر الرباعيِّ أَنْ يأتيَ على عَدَدِ حروفِ الماضي بزيادة ألفٍ ، مع تغييرِ الحركات . وقد قالوا " تَكَلُّماً " فأتى المصدرُ على عددِ حروفِ الماضي بغير زيادةِ ألفٍ ؛ لكثرة حروفِه ، وضُمَّت اللامُ ، ولم تُكْسَرْ لأنَّه ليسَ اسمٌ على تَفَعِّل ، ولم تُفْتَحْ لئلا يَشْتَبِهَ بالماضي " وقراءةُ الكسائيِّ " كِذاباً " بالتخفيفِ ، جعله مصدرَ : كَذَّبِ كِذاباً . وقيل : هو مصدرُ " كَذَب " كقولِك : كَتَبَ كِتاباً .