وجاء لفظ إنما مشعراً بالحصر ، كأنه قال : ليس ذلك إلا تسكيراً للأبصار .
وقرأ الحسن ، ومجاهد ، وابن كثير : سكرت بتخفيف الكاف مبنياً للمفعول ، وقرأ باقي السبعة : بشدها مبنياً للمفعول .
وقرأ الزهري : بفتح السين وكسر الكاف مخففة مبنياً للفاعل ، شبهوا رؤية أبصارهم برؤية السكران لقلة تصوره ما يراه .
فأما قراءة التشديد فعن ابن عباس وقتادة منعت عن رؤية الحقيقة من السكر ، بكسر السين وهو الشد والحبس .
وعن الضحاك شدّت ، وعن جوهر جدعت ، وعن مجاهد حبست ، وعن الكلبي عميت ، وعن أبي عمرو غطيت ، وعن قتادة أيضاً أخذت ، وعن أبي عبيد غشيت .
وأما قراءة التخفيف فقيل : بالتشديد ، إلا أنه للتكثير ، والتخفيف يؤدي عن معناه .
وقيل : معنى التشديد أخذت ، ومعنى التخفيف سحرت .
قال أبو علي : ويجوز أن يكون سمع متعدياً في البصر .
وحكى أبو عبيد عن أبي عبيدة أنه يقال : سكرت أبصارهم إذا غشيها سهاد حتى لا يبصروا .
وقيل : التشديد من سكر الماء ، والتخفيف من سكر الشراب ، وتقول العرب : سكرت الريح تسكر سكراً إذا ركدت ولم تنفذ لما انتفت بسبيله ، أولاً وسكراً الرجل من الشراب سكراً إذا تغيرت حاله وركد ولم ينفذ فيما كان للإنسان أن ينفذ فيه .
ومن هذا المعنى سكران لا يبت أي : لا يقطع أمراً .
وتقول العرب : سكرت في مجاري الماء إذا طمست ، وصرفت الماء فلم ينفذ لوجهه .
فإن كان من سكر الشراب ، أو من سكر الريح ، فالتضعيف للتعدية .
أو من سكر مجاري الماء فللتكثير ، لأنّ مخففة متعد .
وأما سكرت بالتخفيف فإن كان من سكر الماء ففعله متعد ، أو من سكر الشراب أو الريح فيكون من باب وجع زيد ووجعه غيره ، فتقول : سكر الرجل وسكره غيره ، وسكرت الريح وسكرها غيرها ، كما جاء سعد زيد وسعده غيره .
ولخص الزمخشري في هذا فقال : وسكرت خيرت أو حبست من السكر ، أو السكر .
وقرىء بالتخفيف أي : حبست كما يحبس النهر عن الجري انتهى .
وقرأ أبان بن ثعلب : سحرت أبصارنا .
ويجيء قوله : بل نحن قوم مسحورون ، انتقالاً إلى درجة عظمى من سحر العقل .
وينبغي أن تجعل هذه القراءة تفسير معنى لا تلاوة ، لمخالفتها سواد المصحف .
وجاء جواب ولو ، قوله : لقالوا أي أنهم يشاهدون ما يشاهدون ، ولا يشكون في رؤية المحسوس ، ولكنهم يقولون ما لا يعتقدون مواطأة على العناد ، ودفع الحجة ، ومكابرة وإيثاراً للغلبة كما قال تعالى : { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوًّا }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.