البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ثُمَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يُخۡزِيهِمۡ وَيَقُولُ أَيۡنَ شُرَكَآءِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمۡ تُشَـٰٓقُّونَ فِيهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ إِنَّ ٱلۡخِزۡيَ ٱلۡيَوۡمَ وَٱلسُّوٓءَ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (27)

ولما ذكر تعالى ما حل بهم في دار الدنيا ، ذكر ما يحل بهم في الآخرة .

ويخزيهم : يعم جميع المكاره التي تحل بهم ، ويقتضي ذلك إدخالهم النار كقوله : { ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته } أي أهنته كل الإهانة .

وجمع بين الإهانة بالفعل ، والإهانة بالقول بالتقريع والتوبيخ في قوله : يخزيهم .

ويقول : أين شركائي ، أضاف تعالى الشركاء إليه ، والإضافة تكون بأدنى ملابسة ، والمعنى : شركائي في زعمكم ، إذ أضاف على الاستهزاء .

وقرأ الجمهور : شركائي ممدوداً مهموزاً مفتوح الياء ، وفرقة كذلك : تسكنها ، فسقط في الدرج لالتقاء الساكنين .

والبزي عن ابن كثير بخلاف عنه : مقصوراً وفتح الياء هنا خاصة .

وروي عنه : ترك الهمز في القصص والعمل على الهمز فيه وقصر الممدود ، وذكروا أنه من ضرورة الشعر ، ولا ينبغي ذلك لثبوته في هذه القراءة ، فيجوز قليلاً في الكلام .

والمشاقة : المفاداة والمخاصمة للمؤمنين .

وقرأ الجمهور : تشاقون بفتح النون ، وقرأ نافع بكسرها ، ورويت عن الحسن ، ولا يلتفت إلى تضعيف أبي حاتم هذه القراءة .

وقرأت فرقة : بتشديدها ، أدغم نون الرفع في نون الوقاية .

والذين أوتوا العلم ، عام فيمن أوتي العلم من الأنبياء ، وعلماء أممهم الذين كانوا يدعونهم إلى الإيمان ويعظونهم ، فلا يلتفتون إليهم ، وينكرون عليهم .

وقيل : هم الملائكة ، وقاله ابن عباس .

وقيل : الحفظة من الملائكة .

وقيل : من حضر الموقف من ملك وإنسي ، وغير ذلك .

وقال يحيى بن سلام : هم المؤمنون انتهى .

ويقول أهل العلم : شماتة بالكفار وتسميعاً لهم ، وفي ذلك إعظام للعلم ، إذ لا يقول ذلك إلا أهله