البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَكَانَ يَأۡمُرُ أَهۡلَهُۥ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِۦ مَرۡضِيّٗا} (55)

{ وكان يأمر أهله } .

قال الحسن : قومه وأمته ، وفي مصحف عبد الله وكان يأمر قومه .

وقال الزمخشري : كان يبدأ بأهله في الأمر بالصلاح والعبادة ليجعلهم قدوة لمن وراءهم ، ولأنهم أولى من سائر الناس

{ وأنذر عشيرتك الأقربين } و { وأمر أهلك بالصلاة } { قوا أنفسكم وأهليكم ناراً } أي ترى أنهم أحق فتصدق عليهم بالإحسان الديني أولى .

وقيل : { أهله } أمته كلهم من القرابة وغيرهم ، لأن أمم النبيين في عداد أهاليهم ، وفيه أن حق الصالح أن لا يألو نصحاً للأجانب فضلاً عن الأقارب والمتصلين ، وأن يحظيهم بالفوائد الدينية ولا يفرط في ذلك انتهى .

وقال أيضاً ذكر إسماعيل عليه السلام بصدق الوعد وإن كان موجوداً في غيره من الأنبياء تشريفاً له وإكراماً كالتلقيب نحو الحليم الأواه والصديق ، ولأنه المشهور المتواصف من خصاله .

وقرأ الجمهور { مرضياً } وهو اسم مفعول أي مرضوو فأعل بقلب واوه ياء لأنها طرف بعد واو ساكنة ، والساكن ليس بحاجز حصين فكأنها وليت حركة ، ولو بنيت من ذوات الواو مفعلاً لصار مفعلاً لأن الواو لا تكون طرفاً وقبلها متحرك في الأسماء المتمكنة غير المتقيدة بالإضافة ، ألا ترى أنهم حين سموا بيغزو الغازي من الضمير قالوا : بغز حين صار اسماً ، وهذا الإعلال أرجح من التصحيح ، ولأنه اعتل في رضي وفي رضيان تثنية رضي .

وقرأ ابن أبي عبلة : مرضواً مصححاً .

وقالت العرب : أرض مسنية ومسنوة ، وهي التي تسقى بالسواني .