البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡحَسۡرَةِ إِذۡ قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ وَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (39)

{ وأنذرهم } خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والضمير لجميع الناس .

وقيل : يعود على الظالمين .

و { يوم الحسرة } يوم ذبح الموت وفيه حديث .

وعن ابن زيد : يوم القيامة .

وقيل : حين يصدر الفريقان إلى الجنة والنار وعن ابن مسعود : حين يرى الكفار مقاعدهم التي فاتتهم من الجنة لو كانوا مؤمنين .

وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون { يوم الحسرة } اسم جنس لأن هذه حسرات كثيرة في مواطن عدة ، ومنها يوم الموت ، ومنها وقت أخذ الكتاب بالشمال وغير ذلك انتهى .

و { إذ } بدل من { يوم الحسرة } .

قال السدّي وابن جريج : { قُضِي الأمر } ذبح الموت .

وقال مقاتل : قضى العذاب .

وقال ابن الأنباري المعنى { إذ قضي الأمر } الذي فيه هلاككم .

وقال الضحاك : يكون ذلك إذا برزت جهنم ورمت بالشرر .

وعن ابن جريج أيضاً : إذا فرغ من الحساب وأدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار .

وقيل إذا { قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون } وقيل : إذا يقال { امتازوا اليوم أيها المجرمون } وقيل : إذا قضى سد باب التوبة وذلك حين تطلع الشمس من مغربها .

{ وهم في غفلة } .

قال الزمخشري : متعلق بقوله { في ضلال مبين } عن الحسن { وأنذرهم } إعراض وهو متعلق بأنذرهم أي { وأنذرهم } على هذه الحال غافلين غير مؤمنين .

وقال ابن عطية : { وهم في غفلة } يريد في الدنيا الآن { وهم لا يؤمنون } كذلك انتهى .

وعلى هذا يكون حالاً والعامل فيه { وأنذرهم } والمعنى أنهم مشتغلون بأمور دنياهم معرضون عما يراد منهم ، والظاهر أن يكون المراد بقوله { وقضي الأمر } أمر يوم القيامة .