البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{۞فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ فَسَوۡفَ يَلۡقَوۡنَ غَيًّا} (59)

نزل { فخلف } في اليهود عن ابن عباس ومقاتل ، وفيهم وفي النصارى عن السدي ، وفي قوم من أمّة الرسول يأتون عند ذهاب صالحيها يتبارزون بالزنا ينزو في الأزقة بعضهم على بعض عن مجاهد وقتادة وعطاء ومحمد بن كعب القرظي .

وعن وهب : هم شرّابو القهوة ، وتقدم الكلام على { خلف } في الأعراف ، وإضاعة الصلاة تأخيرها عن وقتها قاله ابن مسعود والنخعي والقاسم بن مخيمرة ومجاهد وإبراهيم وعمر بن عبد العزيز .

وقال القرظي واختاره الزجّاج : إضاعتها الإخلال بشروطها .

وقيل : إقامتها في غير الجماعات .

وقيل : عدم اعتقاد وجوبها .

وقيل : تعطيل المساجد والاشتغال بالصنائع .

والأسباب ، و { الشهوات } عام في كل مشتهى يشغل عن الصلاة وذكر الله .

وعن عليّ من بنى الشديد وركب المنظور ولبس المشهور .

وقرأ عبد الله والحسن وأبو رزين العقيلي والضحاك وابن مقسم الصلوات جمعاً .

والغيّ عند العرب كل شر ، والرشاد كل خير .

قال الشاعر :

فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره *** ومن يغو لا يعدم على الغي لائماً

وقال الزجاج : هو على حذف مضاف أي جزاء غي كقوله { يلق أثاماً } أي مجازة آثام .

وقال ابن زيد : الغي الخسران والحصول في الورطات .

وقال عبد الله بن عمرو وابن مسعود وكعب : غيّ واد في جهنم .

وقال ابن زيد : ضلال .

وقال الزمخشري : أو { غياً } عن طريق الجنة .

وحكى الكرماني : آبار في جهنم يسيل إليها الصديد والقيح .

وقيل : هلاك .

وقيل : شر .

وقرئ فيما حكى الأخفش { يلقون } بضم الياء وفتح اللام وشد القاف .