ولما كان فيما سبق تعظيم القرآن في قوله { وقد آتيناك من لدنّا ذكراً } { وكذلك أنزلناه قرآناً عربياً } ذكر عظمة منزله تعالى ثم ذكر هاتين الصفتين وهي صفة { الملك } التي تضمنت القهر ، والسلطنة والحق وهي الصفة الثابتة له إذ كل من يدعي إلهاً دونه باطل لاسيما الإله الذي صاغوه من الحلي ومضمحل ملكه ومستعار ، وتقدّم أيضاً صفة سلطانه يوم القيامة وعظم قدرته وذلة عبيده وحسن تلطفه بهم ، فناسب تعاليه ووصفه بالصفتين المذكورتين ، ولما ذكر القرآن وإنزاله قال على سبيل الاستطراد طالباً منه التأني في تحفظ القرآن { ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يُقْضَى إليك وحيه } أي تأن حتى يفرغ الملقى إليك الوحي ولا تساوق في قراءتك قراءته وإلقاءه ، كقوله تعالى { لا تحرك به لسانك لتعجل به } وقيل : معناه لا تبلغ ما كان منه مجملاً حتى يأتيك البيان .
وقيل : سبب الآية " أن امرأة شكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن زوجها لطمها ، فقال لها «بينكما القصاص » " ثم نزلت { الرجال قوامون على النساء } ونزلت هذه بمعنى الأمر بالتثبت في الحكم بالقرآن .
وقيل : كان إذا نزل عليه الوحي أمر بكتبه للحين ، فأمر أن يتأنى حتى يفسر له المعاني ويتقرر عنده .
وقال الماوردي : معناه ولا تسأل قبل أن يأتيك الوحي إن أهل مكة وأسقف نجران قالوا : يا محمد أخبرنا عن كذا وقد ضربنا لك أجلاً ثلاثة أيام فأبطأ الوحي عليه ، وفشت المقالة بين اليهود قد غلب محمد فنزلت { ولا تعجل بالقرآن } أي بنزوله .
وقال أبو مسلم { ولا تعجل } بقراءته في نفسك أو في تأديته إلى غيرك أو في اعتقاد ظاهره أو في تعريف غيرك ما يقتضيه ظاهره احتمالات .
{ من قبل أن يقضى إليك وحيه } أي تمامه أو بيانه احتمالات ، فالمراد إذاً أن لا ينصب نفسه ولا غيره عليه حتى يتبين بالوحي تمامه أو بيانه أو هما جميعاً ، لأنه يجب التوقف في المعنى لما يجوز أن يحصل عقيبه من استثناء أو شرط أو غيرهما من المخصصات ، وهذه العجلة لعله فعلها باجتهاده عليه السلام انتهى .
وقرأ الجمهور : { يُقضى إليك } مبنياً للمفعول { وحيه } مرفوع به .
وقرأ عبد الله والجحدري والحسن وأبو حيوة ويعقوب وسلام والزعفراني وابن مقسم نقضي بنون العظمة مفتوح الياء وحيه بالنصب .
وقرأ الأعمش كذلك إلا أنه سكن الياء من يقضي .
قال صاحب اللوامح : وذلك على لغة من لا يرى فتح الياء بحال إذا انكسر ما قبلها وحلت طرفاً انتهى .
{ وقل رب زدني علماً } قال مقاتل أي قرآناً .
وقيل : حفظاً وهذا القول متضمن للتواضع لله والشكر له عند ما علم من ترتيب التعلم أي علمتني مآرب لطيفة في باب التعلم وأدباً جميلاً ما كان عندي ، فزدني علماً .
وقيل : ما أمر الله رسوله بطلب الزيادة في شيء إلاّ في طلب العلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.