البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَقُلۡنَا يَـٰٓـَٔادَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوّٞ لَّكَ وَلِزَوۡجِكَ فَلَا يُخۡرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلۡجَنَّةِ فَتَشۡقَىٰٓ} (117)

و { هذا } إشارة إلى إبليس و { عدو } يطلق على الواحد والمثنى والمجموع ، عرف تعالى آدم عداوة إبليس له ولزوجته ليحذراه فلن يغنيَ الحذر عن القدر ، وسبب العداوة فيما قيل إنّ إبليس كان حسوداً فلما رأى آثار نعم الله على آدم حسده وعاداه .

وقيل : العداوة حصلت من تنافي أصليهما إذ إبليس من النار وآدم من الماء والتراب { فلا يخرجنكما } النهي له والمراد غيره أي لا يقع منكما طاعة له في إغوائه فيكون ذلك سبب خروجكما من الجنة ، وأسند الإخراج إليه وإن كان المخرج هو الله تعالى لما كان بوسوسته هو الذي فعل ما ترتب عليه الخروج { فتشقى } يحتمل أن يكون منصوباً بإضمار أن في جواب النهي ، وأن يكون مرفوعاً على تقدير فأنت تشقى .

وأسند الشقاء إليه وحده بعد اشتراكه مع زوجه في الإخراج من حيث كان هو المخاطب أولاً والمقصود بالكلام ولأن في ضمن شقاء الرجل شقاء أهله ، وفي سعادته سعادتها فاختصر الكلام بإسناده إليه دونها مع المحافظة على الفاصلة .

وقيل : أراد بالشقاء التعب في طلب القوت وذلك راجع إلى الرجل .

وعن ابن جبير : أهبط له ثور أحمر يحرث عليه فيأكل بكد يمينه وعرق جبينه .